
نقابة الصحفيين: الاحتلال قتل 44 صحفيا فلسطينيا داخل خيام النزوح في غزة
جيش الاحتلال الإسرائيلي 44 صحفيا فلسطينيا داخل خيام النزوح في قطاع غزة، من بين 254 من العاملين في الحقل الإعلامي الفلسطيني منذ بداية العدوان على القطاع في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 حتى نهاية تسرين الاول/ أكتوبر 2025، وفق رصد وتوثيق لجنة الحريات التابعة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين.
واستعرض التقرير الخاص بلجنة الحريات، وقائع ودلالات استهداف واستشهاد 44 صحفيا فلسطينيا داخل خيام النزوح خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع، ويأتي استنادا إلى البيانات الموثّقة والأحداث المحددة التي شملت قصف خيام الصحفيين في محيط المستشفيات ومراكز الإيواء التابعة للأونروا، إضافة إلى عمليات القنص المباشر داخل مناطق النزوح.
وأشار التقرير إلى أن الوسط الإعلامي الفلسطيني تعرّض لسلسلة هجمات ممنهجة استهدفت البنية الإعلامية بشكل منظّم، بدءا من تدمير المكاتب والمؤسسات الإعلامية، مرورا بملاحقة الصحفيين إلى منازلهم وغرف نومهم، وصولا إلى تصفية الصحفيين داخل خيامهم المؤقتة التي اضطروا للجوء إليها بعد نزوحهم القسري، والتي نصبت في محيط المستشفيات والمدارس واعتُبرت آخر الملاذات الآمنة بالنسبة للصحفيين.
عرض موجز للوقائع الموثقة
– واقعة استشهاد الصحفي حلمي الفقعاوي- 7/4/2025 مراسل وكالة “فلسطين اليوم”، حيث استشهد إثر قصف صاروخي استهدف خيمة مخصّصة للصحفيين في محيط مستشفى ناصر غرب خان يونس.
– وكذلك استشهاد الصحفيين الشقيقين الزهراء وأحمد أبو سخيل– 7/11/2024 (مراسلة شبكة “نيوز الإعلامية”) وشقيقها المصوّر أحمد، جراء استهداف صاروخي لخيمة في مدرسة فهد الصباح بحي التفاح، التي كانت تؤوي نازحين.
– استشهاد ستة صحفيين قرب مستشفى الشفاء– 10/8 /2025، حيث قُصفَت خيمة للصحفيين قرب مستشفى الشفاء، ما أدى إلى استشهاد: مراسل الجزيرة أنس الشريف، ومراسل الجزيرة محمد قريقع، إضافة لمصوري الجزيرة إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة، ومساعد المصور محمد نوفل، والمصور محمد الخالدي (استشهد لاحقاً)، كما أصيب ثلاثة آخرون بجروح خطيرة.
– وكذلك استشهاد الصحفي الدكتور حسن دوحان– 25/8/2025، مراسل صحيفة “الحياة الجديدة”، حيث استشهد برصاص الاحتلال داخل خيمته في شارع الأسطبل بمواصي خان يونس.
– كما استشهدت الصحفية والناشطة إيمان الزاملي– 1/9/2025، جراء استهداف خيمتها بصاروخ أطلقته طائرة مسيّرة في محيط أبراج مدينة حمد شمال خان يونس.
– استشهاد الصحفي محمد الكويفي– 15/9 /2025، الفني في وكالة “شهاب” والمحاضر الجامعي، جراء قصف استهدف خيمته في حي النصر، وكان الكويفي قد فقد عائلته في بداية العدوان 2023 نتيجة قصف منزله.
إجمالي الضحايا
وبين التقرير أن 44 صحفيا استشهدوا داخل الخيام، كما أصيب العشرات بجروح خطيرة، إضافة إلى بتر أطراف بعضهم جراء الاستهداف المباشر للخيام المزدحمة بالصحفيين والنازحين.
أماكن وأسلحة الاستهداف
ووفق الرصد والتوثيق، لوحظ أن أماكن الاستهداف للصحفيين في خيام داخل ومحيط مستشفيي ناصر، والشفاء، ومدارس تابعة للأونروا، ومناطق نزوح مكتظة بالمدنيين، أما نوع السلاح المستخدم فكان صواريخ جوية دقيقة، وضربات من طائرات مسيّرة، وقنص مباشر.
تصنيف الجريمة
وأكد التقرير أن استهداف الصحفيين المدنيين يُعدّ جريمة حرب بموجب المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، كما أن استهداف خيام النازحين في المستشفيات والمدارس يُعتبر انتهاكا فادحا لحماية المناطق الإنسانية، مضيفا أنه لم يثبت وجود نشاط عسكري داخل الخيام المستهدفة، مما ينفي أي ذريعة للادعاء بـ”الخطأ” في الاستهداف.

منهجية وتعمد
وشدد التقرير على أن الدقة العالية للأسلحة المستخدمة، ووقوع الاستهداف داخل أماكن مكتظة بالصحفيين والنازحين، تؤكد عنصر التعمد، وأن الهدف يتجاوز قتل الأفراد إلى قتل الشاهد وتدمير القدرة على التوثيق.
الآثار الإنسانية والاجتماعية
وأشار التقرير إلى الآثار الإنسانية والاجتماعية المترتبة على استهداف الصحفيين، من أبرزها حرمانهم من أدنى درجات الحماية الإنسانية، وتعميق مأساة النزوح وفقدان الأمان، وظهور موجات إصابات دائمة وبتر أطراف بين الصحفيين نتيجة القصف المباشر على الخيام.
توصيات
وأوصى التقرير بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة في الاستهداف المتعمد للصحفيين، وتفعيل آليات المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب ضدهم، وحماية الصحفيين داخليا عبر إنشاء ممرات آمنة وأماكن نزوح محمية، ومخاطبة المؤسسات الدولية (اليونسكو، الاتحاد الدولي للصحفيين) لتوفير دعم وحماية عاجلة، وتوثيق شامل لكل الحالات من خلال قاعدة بيانات قانونية يمكن الرجوع إليها قضائياً.
اللحام: استهداف الصحفيين جزء من سياسة الإبادة الجماعية
وأشار رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، محمد اللحام، إلى أن هذا التقرير يستند إلى الوقائع الدقيقة والصور النمطية المتكررة، حيث أن استهداف واستشهاد 44 صحفيا فلسطينيا داخل خيام النزوح يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان كإبادة إعلامية ضمن سياسة الإبادة الجماعية التي راح ضحيتها نحو 70 ألف شهيد في قطاع غزة، ويندرج ضمن سياسة ممنهجة ترمي إلى إسكات الصوت الصحفي وطمس الحقيقة.
وأضاف اللحام أن حجم الجرائم والدقة في الاستهداف، وتعدد مواقعها وامتدادها عبر أشهر متواصلة وبنفس الأسلوب والأسلحة، يدل على قرار سياسي يعكس نية واضحة في القضاء على الدور الإعلامي الفلسطيني في توثيق الجرائم والانتهاكات.







