
إعلام الاسرى: الأسير جمال أبو الهيجا يواجه أقسى ظروف اعتقال منذ أكثر من عقدين
لا تزال سجون الاحتلال تُطبق أبوابها بقسوة على الأسير القيادي جمال عبد السلام أبو الهيجا (66 عامًا) من مخيم جنين، في ظل أوضاع تُعدّ من الأسوأ التي تشهدها السجون منذ سنوات، وفق شهادات الأسرى المحررين الذين تحدثوا عن قمع ممنهج، وتجويع متواصل، واقتحامات يومية، وانقطاع كامل لزيارات الأهالي منذ بدء حالة الطوارئ التي فرضها الاحتلال عقب حرب السابع من أكتوبر.
وقبل نحو عشرين يومًا، نقلت إدارة السجون الأسير أبو الهيجا إلى العزل الانفرادي في سجن جانوت، بعد فترة قضاها في قسم 17 بسجن نفحة. وجاء نقله عقب عملية قمع جماعي تعرّض لها الأسرى خلال “الفورة”، أُطلق خلالها الرصاص المطاطي، قبل سحب الأسير من غرفته فجر اليوم التالي ونقله إلى العزل دون أي توضيح.
ويواجه أبو الهيجا في العزل ظروفًا صحية صعبة، إذ لا يزال يعاني من إصابات سابقة بعد محاولات اغتيال تعرض لها أدت إلى بتر يده اليسرى، إضافة إلى ضعف حاد في النظر وإصابات متكررة بمرض “السكابيوس” المنتشر بين الأسرى. ويضاعف العزل الانفرادي من خطورة وضعه الصحي، خاصة مع تقدمه في العمر.
ورغم حالته الصحية، يواصل الاحتلال التعامل مع أبو الهيجا باعتباره “خطرًا دائمًا”، رافضًا إدراجه في أي من صفقات التبادل السابقة. ويقبع الأسير في السجون منذ 28/8/2002، محكومًا بالسجن المؤبد تسع مرات، إضافة إلى 20 عامًا أخرى. ويأتي استهدافه في سياق تشديد إدارة السجون إجراءاتها بحق قيادات الحركة الأسيرة بعد انتهاء صفقة التبادل الأخيرة.
ويمتد تاريخ اعتقالات أبو الهيجا منذ تسعينيات القرن الماضي، إذ اعتقل أعوام 1992 و1993 و1995 و1998، دون أن يحظى بفرصة الاستقرار مع عائلته التي دفعت ثمنًا باهظًا. فقد نزحت الأسرة بعد حملات التهجير الأخيرة، ويقبع أربعة من أبنائه اليوم في الاعتقال: عبد السلام (42 عامًا) معتقل إداريًا منذ 2022، وعاصم (39 عامًا) منذ 2023، وعماد المعتقل لدى السلطة منذ نحو تسعة أشهر.
كما يعتقل الاحتلال ابنته المحامية بنان منذ 7/5/2025، بعد توقيفها على حاجز عطارة، وتقبع حاليًا في سجن الدامون رهن الاعتقال الإداري، فيما تعاني فراق طفليها وغياب والدتها التي توفيت بعد أيام من اعتقالها، دون السماح بأي وداع.
وعبر سنوات الأسر، عاش أبو الهيجا سلسلة من الفقد؛ فقد زوجته ونجله حمزة الذي استشهد عام 2014، ووالده وشقيقته وشقيقه، دون أن يودع أيًا منهم. ورغم ذلك، استثمر سنوات اعتقاله في التعليم، فحصل على بكالوريوس في التاريخ وآخر في اللغة العربية، إلى جانب دبلوم في العربية.
وكان الاحتلال قد حاول اغتياله أكثر من مرة خلال سنوات المطاردة، قبل اعتقاله وخضوعه لعزل انفرادي امتد عشر سنوات متتالية. وها هو اليوم يعود إلى العزل من جديد، محاطًا بمزيد من الألم والذكريات الثقيلة، وسط حالة طوارئ تستبيح أجساد الأسرى وحقوقهم، بعيدًا عن أي رقابة أو محاسبة.







