براء معالي.. دير جرير تودّع ابنها السادس في ثلاث سنوات
“قلبه شغال، قلبه بدق” بهذه الكلمات، صرخت والدة وشقيقة الشهيد براء معالي، فوق جسده الممد على سرير المستشفى “شهيداً”، لتتبعها خلال تشيعيه
استشهد براء، وهو طالب في كلية الحقوق والإدارة العامة بجامعة بيرزيت، بعد أن أطلق مستعمرون الرصاص الحي على مجوعة من الشبان، تصدت لهجوم المستعمرين أطراف القرية، ليكون بذلك الشهيد الثالث. في غضون ثلاثة أشهر، حيث استشهد، في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الشاب: جهاد محمد عجاج (26) عاماً، برصاص المستعمرين، وسبقهما استشهاد الشاب: محمد عيسى أحمد علوي (21) عاماً، برصاص المستعمرين، في 13 سبتمبر/أيلول الماضي، وثلاثتهما استشهدوا برصاص المستعمرين، بذات الطريقة، وذات المكان.
وبراء معالي، هو الشهيد السادس في قرية دير جرير، في الأعوام الثلاثة الأخيرة، فبالإضافة إلى الشهداء الثلاثة في الشهور الثلاث الأخيرة، استشهد، كل من: قيس عماد خالد شجاعية في 14 أكتوبر 2022. ورندة عبد الله عبد العزيز عجاج في 12 أكتوبر 2023، وعبد العزيز يوسف أبو صالحة في 3 أكتوبر 2024.
تؤجل جنازة براء، لحين وصول شقيقه المغترب في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي أصر على وداع براء، قاطعاً آلاف الكيلومترات، يفكر بلقاء شقيقه، لكن “شهيداً”، وأهل بيته، لكن “فاقدين”.
تشهد دير جرير كما باقي الوطن، وكما باقي محافظة رام الله والبيرة وبشكل خاص ريفها الشرقي والشمالي، هجمة استعمارية عنيفة من قبل المستعمرين، الذين يهاجمون البلدات والقرى ويطلقون الرصاص الحي تجاه المواطنين، ويحرقون المنازل والممتلكات ويخربون الزرع ويقتلعون الأشجار ويشقون الطرق الاستعمارية ويسممون المواشي ويمنعون المزارعين من الوصول إلى أراضيهم.
رئيس مجلس قروي دير جرير، فتحي حمدان، قال في اتصال هاتفي مع “وفا”: تتعرض قريتنا منذ ما قبل الـ7 من أكتوبر لهجمة استيطانية شرسة، تهدف إلى القتل والتهجير والاستيلاء على الأرض والشجر والتضييق على الأهالي وترويعهم، قدمنا الشهداء والجرحى والمعتقلين والمبعدين.
وبين، تعتبر دير جرير واحدة من أسخن نقاط التماس في الاحتكاك مع المستعمرين، الذين يستهدفونها بشكل متواصل، عبر ما يطلق عليهم “فتية التلال”، والذين يقودون هجمات منظمة على القرية والأهالي وممتلكاتهم.
وأضاف: شيء لا يستوعب كمية الاستيلاء على الأرض في دير جرير، التي ينهشها الاستيطان، إذ تقدر أراضي القرية التي تم الاستيلاء عليها بما يقارب ال (20) ألف دونم. بينما مساحة القرية الكلية هي (33) ألف دونم.
وقال: يعد شرق القرية، الأكثر استهدافاً، لطبيعة امتداد الأرض واتصالها بالأغوار، حيث تصل أراضي قرية دير جرير إلى حدود قرية العوجا في أريحا، وعلى امتداد هذه المسافة الطويلة، يمنع علينا الوصول إلى أراضينا.
وأردف حمدان: يهاجم المستعمرون قريتنا من خلال بؤرة استعمارية أقاموها على “تل العاصور” وهي لا تبعد 100 متر هوائي عن بيوت القرية، يأتونها عبر “التراكتورون” من مستعمرة عوفرا، ونعتقد أنهم أنشأوا مدرسة دينية قرب معسكر الجيش المقام منذ زمن طويل على تل العاصور، والذي يبعد مسافة 1 كم عن القرية.
وبين، في الأشهر الأخيرة شق المستعمرون طريقاً استعماريا يربط بؤرتهم الاستعمارية على تل العاصور، وباتت القرية مسرحاً لهجماتهم، من إطلاق الرصاص والقتل، إلى قطع الأشجار وتجريف الأراضي والاستيلاء عليها، وسرقة المواشي والمعدات الزراعية وغيرها من الانتهاكات.
وحول شهداء القرية، وآخرهم براء معالي، قال حمدان: بين فترة وأخرى يهاجم المستعمرون أطراف القرية، ويقتربون من البيوت، مما بدفع المواطنين والشبان للتجمهر والتصدي لهم، كان آخرهم براء الذي استشهد خلال تواجده مع مجموعة من أهالي القرية خلال هجوم للمستعمرين، الذين يصلون القرية بحماية من جنود الاحتلال، ويبدأون بإطلاق الرصاص الحي تجاه الأهالي.
يُشار إلى أن أكثر من 20 شاباً استشهدوا منذ بداية العام الجاري، برصاص الاحتلال ومستعمريه، في محافظة رام الله والبيرة، أكثر من نصفهم استشهد برصاص المستعمرين، وتركز الشهداء في البلدات والقرى الشرقية والشمالية، والشمالية الشرقية من المحافظة. وتوزعوا على بلدات وقرى: كفر مالك، دير جرير، المزرعة الشرقية، المغير، سلواد، دير دبوان.
يذكر إلى أن محافظة رام الله والبيرة، سجلت أكبر عدد من اعتداءات المستعمرين وجنود الاحتلال في الآونة الأخيرة، فقد رصدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، تسجيل محافظة رام الله والبيرة (5420) اعتداء من قبل المستعمرين، من بين (2530) اعتداء في محافظات الضفة الغربية في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
كما سجلت (416) اعتداء في شهر سبتمبر/أيلول من أصل (2215) اعتداء تعرضت له محافظات الضفة، فيما سجل شهر آب (321) اعتداء في محافظة رام الله والبيرة من مجموع (1613) في محافظات الضفة، كما سجل شهر تموز (302) اعتداء في رام الله والبيرة، من مجموع (1821) في محافظات الضفة، كما سجل شهر أيار (283) اعتداء من أصل (1691) في محافظات الضفة، فيما شهد شهر نيسان (269) اعتداء من اصل ( 1693) في الضفة، كما سجل شهر آذار (269) اعتداء من مجموع (1604) اعتداء في الضفة، أما شهر شباط فسجل (263) اعتداء من مجموع (1705) في الضفة، فيما سجل شهر كانون الثاني (342) اعتداء من أصل (2161) في مختلف محافظات الضفة.







