صادقت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، الثلاثاء، على مشروع قانون يتيح للإسرائيليين شراء أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة بصورة مباشرة، في خطوة تُعدّها جهات حقوقية تغييرًا جوهريًا في منظومة السيطرة وتمهيدًا فعليًا لضمّ أجزاء واسعة من الضفة، لما يترتّب عليها من تحويل التملّك الفردي للمستوطنين إلى أداة سياسية لفرض وقائع جديدة على الأرض.
وقال المكتب الإعلامي للكنيست إن “لجنة الخارجية والأمن، برئاسة بوعاز بيسموت، صادقت على اقتراح قانون ‘إلغاء التمييز‘ في شراء العقارات في يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية)”، على حدّ تعبيره، موضحًا أن “أربعة أعضاء كنيست أيدوا المشروع دون أي معارضة”.
ويحتاج المشروع إلى ثلاث قراءات في الهيئة العامة للكنيست قبل دخوله حيّز التنفيذ، ولم يُعلن حتى الآن موعد التصويت بالقراءة الأولى.
مضمون القانون: إلغاء المنع القانوني وفتح الباب للشراء للمستوطنين
وبحسب نص المشروع، فإن القانون الجديد “يلغي القانون الأردني المتعلّق بتأجير وبيع العقارات للأجانب” الذي يسري في الضفة الغربية منذ عام 1953، ويمنع التملك لمن ليس أردنيًا أو فلسطينيًا أو من أصل عربي.
ويهدف المشروع أيضًا إلى إلغاء الوضع القائم الذي لا يسمح للمستوطنين بشراء أراضٍ فلسطينية إلا عبر شركات مسجّلة في “الإدارة المدنية”، الذراع التابعة لوزارة الأمن الإسرائيلية في الضفة، ويفتح الباب أمام التملّك الفردي المباشر للمستوطنين.
وقال رئيس اللجنة، بيسموت (الليكود) إن “اقتراح القانون المعروض علينا يُعزز السيادة (ضم الضفة الغربية)، ولا يوجد سبب يمنع اليهودي من شراء أرض في يهودا والسامرة”، مضيفًا “من مسؤوليتنا كأعضاء في الكنيست وكدولة أن ندعم الاستيطان”.
واعتبر أنه “حان الوقت للقضاء على التمييز واستعادة الحق الطبيعي للمواطنين الإسرائيليين في أرضهم”، بدوره قال عضو الكنيست موشيه سولومون إن “هناك تمييزًا فعليًا بين مواطن وآخر في نفس المنطقة، بين اليهود والعرب، وهذا أمر كان يجب ألا يحدث”، وفق مزاعمه.
وقدّم مشروع القانون كل من يولي أدلشتاين (الليكود)، وليمور سون هار ميلخ (“عوتسما يهوديت”)، وموشيه سولومون (الصهيونية الدينية)، إضافة لأعضاء كنيست آخرين من أحزاب اليمين.
وبحسب حركة “سلام الآن”، فإن مشروع القانون يحمل طابع الضمّ ويشكّل خرقًا للقانون الدولي ويقود إلى خمس تداعيات مركزية:
ضمّ بحكم الأمر الواقع:
وقالت الحركة إن القانون يُعدّ “سَنًّا لقانون إسرائيلي يطبَّق على منطقة ليست ضمن السيادة الإسرائيلية”، ما يعني تطبيق قانون الاحتلال على سكان ليسوا مواطنين ولا يملكون حق التصويت.
وأشارت الحركة إلى أن البند الثاني في المشروع، الذي ينص على أن “كل شخص يحق له شراء حقوق في أراضٍ في المنطقة”، هو بند تشريعي سيادي ينطبق على أرض محتلة، الأمر الذي يخالف القانون الدولي.
خصخصة السياسة الأمنية بيد المستوطنين:
وأفادت “سلام الآن” بأن السماح بالتملّك الفردي يلغي الحاجة إلى التراخيص التي يخضع منحها لوزير الأمن، ما يعني أن مستوطنين أفرادًا قادرون على “فرض وقائع سياسية وأمنية جديدة”، وعلى الجيش لاحقًا توفير الحماية لها.
باب للتزوير وصفقات مشبوهة:
وشددت الحركة على أن إلغاء الفحوصات التي ترافق ما يُسمّى “إذن الصفقة” يفتح الباب أمام “استحواذ على أراضٍ بادعاءات شراء غير محققة”، مشيرة إلى تزايد محاولات الاستيلاء تحت غطاء “سندات ملكية فردية”.
تحويل المستوطنين إلى “أصحاب الملك”:
يحمل القانون دلالة رمزية وقانونية، وفق الحركة، إذ يمنح المستوطنين “مكانة المالك” في أراضٍ محتلة.
خرق صريح للقانون الدولي:
وأكدت “سلام الآن” أن اتفاقيات لاهاي تمنع القوة القائمة بالاحتلال من تغيير التشريعات السائدة في الأراضي المحتلة، إلا لحاجة أمنية ملحّة أو لتلبية مصالح السكان المحميّين، وهو ما لا ينطبق على مشروع القانون.
حجم التملّك الاستيطاني
وتقدّر الحركة أن نحو 65 ألف دونم جرى الاستحواذ عليها عبر شركة “هيمنوتا” التابعة لـ”كيرن كييمت ليسرائيل” (الصندوق الدائم لإسرائيل – “كاكال”) بتنسيق مع الدولة، إضافة إلى 10 آلاف دونم نُقلت ملكيتها لإسرائيليين عبر “إذن صفقة”، إلى جانب “عشرات آلاف الدونمات التي يدّعي مستوطنون أنهم اشتروها”، دون إثباتات مكتملة أو اعتراف رسمي
وتشير الحركة إلى أن بعض المستوطنات أُقيمت جزئيًا على أراضٍ يدّعي مستوطنون شراءها خلال الثمانينيات والتسعينيات. وتكثف إسرائيل منذ بدء حربها على غزة قبل عامين عمليات الهدم والتهجير والاستيطان في الضفة المحتلة، ما يُعدّ، وفق منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية، جزءًا من خطة منهجية لفرض وقائع ضمّ وتقويض أي إمكانية لتطبيق مبدأ حلّ الدولتين.
المصدر: عرب 48

