
تحقيق يكشف: توسع استيطاني غير مسبوق في الضفة الغربية
كشف تحقيق أجرته هيئة البث الإسرائيلية عن تغييرات جذرية في الضفة الغربية المحتلة خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث تم إنشاء 140 بؤرة استيطانية جديدة تغطي مساحة تقدر بمليون دونم، أي ما يعادل أربعة أضعاف مساحة جميع المستوطنات القديمة.
ونقل التحقيق عن ضابط في الجيش الإسرائيلي، خدم لسنوات في قيادة المنطقة الوسطى، قوله إن الأمور تغيرت بشكل كبير مع تولي آفي بلوت قيادة المنطقة، حيث بدأت سياسة جديدة تمامًا في الضفة الغربية، وظهرت البؤر الاستيطانية الرعوية فجأة، وأُجبر الجيش على قبولها كأمر واقع.
وأشار الضابط إلى أنه منذ يوليو/تموز 2024، بدأت تتشكل منظومة لإقامة بؤر استيطانية رعوية بالتعاون مع قادة المنطقة الوسطى، مضيفًا: “نحن نشارك في التمهيد لإقامة هذه النقاط الاستيطانية الرعوية، وهناك تنظيم لإقامتها، والجيش يخصص جنودًا لحمايتها، وغالبًا ما يكونون من الاحتياط ويعيش بعضهم داخلها أو بجوارها”.
وأضاف: “هناك ما يشبه لواء لحماية هذه النقاط، مما يؤدي إلى احتكاكات مع الفلسطينيين، حيث يعرقل المستوطنون حركة الفلسطينيين ويغلقون الطرق لساعات ويجبرونهم على إبراز هوياتهم”.
وكشف التحقيق عن رسائل تحذيرية من داخل المؤسسة الأمنية بشأن تداعيات هذه السياسة على الأرض، وحجم أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون في الضفة الغربية، لكن هذه التحذيرات لم تلق آذانًا صاغية.
وأشار التحقيق إلى أن عضو الكنيست جلعاد كريف طالب المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف ميارا، بفتح تحقيق بشأن ارتكاب وزراء مخالفات جنائية بسبب تورطهم في عمليات غير قانونية في الضفة الغربية، كما كشف التحقيق أن بعض النقاط الاستيطانية في الضفة تحظى بدعم من وزارات إسرائيلية بشكل غير قانوني.
وكشف التحقيق، استنادًا إلى تسريبات ووثائق، أن ما يحدث في الضفة الغربية يشبه الانقلاب، حيث يكفي مستوطن واحد للسيطرة على عشرات الآلاف من الدونمات من أراضي الفلسطينيين. ووفقًا للتسريبات، يتم نقل بعض الأراضي التي يتم الاعتراف بها كأراضي دولة إلى المستوطنين للعيش فيها والسيطرة عليها، وذلك وفقًا لخطة أعدها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش.
ووفقًا للتحقيق، فإن كل ما يُطلب من المستوطن للحصول على تصريح للسيطرة على آلاف الدونمات وإقامة نقطة استيطانية رعوية هو الحصول على عدد قليل من رؤوس الماشية.
ونقل التحقيق عن مستوطن قوله إن هناك ما يسمى بتصريح رعي الأغنام، حيث يحصل المستوطن على تصريح بالرعي في البداية، وبموجبه يحصل على آلاف الدونمات من الأراضي التي تم تحويلها إلى أراضي دولة، ثم تبدأ النقطة الرعوية في التحول إلى نقاط استيطانية يتم فيها بناء المباني، وبعد ذلك تعمل الحكومة على تنظيم مسار للاعتراف بها.
كما كشف التحقيق أن حزب الصهيونية الدينية بزعامة سموتريتش تمكن من تغيير الواقع في الضفة الغربية دون الحصول على قرارات من الحكومة أو إجراء مشاورات لبحث التداعيات الأمنية، وذلك من خلال إقامة عشرات النقاط الرعوية.
وقال الوزير سموتريتش لهيئة البث: “نحن نغير بشكل جذري ما يجري في الضفة الغربية”، وأضاف: “لقد حققنا إنجازات كبيرة، وهذه هي مهمة حياتنا، مهمتي هي منع إقامة دولة فلسطينية، ويجب فرض حقائق على الأرض، وهناك تعاون رائع مع الجيش في هذا الشأن”.
من جانبها، قالت وزيرة الاستيطان أوريت ستروك: “نحن نصحح في 3 سنوات أضرار 30 سنة من اتفاق أوسلو”، مشيرة إلى أنها تعمل بالتعاون مع جهات في الجيش، وأحيانًا بالتنسيق مع قيادة المنطقة الوسطى التي ترى أن هناك نقاطًا رعوية جيدة ويجب الحفاظ عليها.
وقال ضابط في قيادة المنطقة الوسطى إن “القيادة تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى ذراع لسموتريتش والوزيرة ستروك، والآن هناك منظومة في الجيش لإقامة نقاط رعوية، وكل شيء يجري بتعاون كامل”.
ووفقًا للتحقيق، تشير تسريبات من قيادات المستوطنين إلى أن مقربين من الوزير سموتريتش تفاخروا بأن عام 2024 كان ذروة الاعتراف بأراض في الضفة الغربية على أنها أراضي دولة، حيث تم الاعتراف بحوالي 24 ألف دونم في هذا العام، مقارنة بـ 13 ألف دونم خلال 10 سنوات سابقة.
وكشفت مصادر أن خطة سموتريتش تهدف إلى السيطرة على 82% من أراضي الضفة الغربية من خلال التواصل الجغرافي بين المستوطنات، وأن الوزيرة ستروك تعمل على تزويد النقاط الجديدة بالمعدات والتمويل والخدمات، في حين يساعد الجيش على شق الطرق الاستيطانية، كما كشف عدد من المستوطنين.
وقال مستوطن: “نحن نفحص الأماكن والأراضي التي فيها سيطرة فلسطينية كبيرة، وبناءً على ذلك نرى أنه يجب أن نعمل بها وندخلها، ونحصل على الموافقات كي نتحرك ونفرض وجودنا”.
وحسب التحقيق، تضاعف البناء اليهودي غير القانوني بشكل كبير خلال العام الماضي في الضفة الغربية، حيث أقيم 210 مبان غير قانونية مقابل 127 في العام السابق.
وقال قائد المنطقة الوسطى السابق في الجيش غادي شيمني إن سموتريتش يدير سياسة خاصة مثل طابور خامس داخل وزارة الدفاع من أجل تحقيق هذه السياسة.
ونقلت هيئة البث عن قائد في الجيش الإسرائيلي تحذيره من استمرار توسيع الاستيطان الرعوي، وقال إنه أرسل تقارير للقيادة بشأن عنف المستوطنين، مشيرًا إلى أنه ارتفع خلال عام 2025، وشمل اشتباكات عنيفة مع مواطنين فلسطينيين وقوات الجيش والشرطة، مؤكدًا أنه يكبل يد القوات الإسرائيلية في فرض القانون على الأرض.







