اختتم مركز التعليم البيئي/ الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة المؤتمر الفلسطيني الخامس عشر للتوعية والتعليم البيئي (العدالة البيئية والمناخية لفلسطين)، في أريحا بإطلاق خارطة وطنية للعمل البيئي في ظل الإبادة البيئية والتغير المناخي والذكاء الاصطناعي.
وعقد المؤتمر تحت رعاية المطران د. سني إبراهيم عازر، رئيس الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، بالشراكة مع سلطة جودة البيئة واللجنة الوطنية للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة في فلسطين.
وانطلقت الخطة من إشكالية السياسات العامة البيئية في فلسطين، وضرورة تنفيذ التشريعات البيئية الوطنية وتطويرها، والقيود السياسية والإدارية نتيجةً للاحتلال وممارساته، الذي يؤدي إلى تدهور سريع للموائل. في ظل تنوّع غني مهدّد، وإطار قانوني بحاجة إلى التطوير، ومحميات، ومشاريع إنقاذ وهشة، في ظل جهود حقيقية لتحديث الإستراتيجية البيئية، ومع وجود شراكات دولية ومحليّة فاعلة.
وحللت الخريطة السياسات البيئية الراهنة الحالية من حيث نقاط القوة ومكامن الضعف:
وركزت على التهديدات الرئيسة للبيئة بفعل الاحتلال والتغير المناخي والتعديات المجتمعية والتلوث وقصور التمويل والقدرات المؤسساتية.
وعالجت الخريطة المبادئ التوجيهية للسياسات العامة البيئية، المتمثلة في الحق البيئي كجزء من الحق في تقرير المصير وحقوق الإنسان، والنهج التكاملي في دمج البعد البيئي في خطط التنمية والاقتصاد، والتمكين المحلي لإدارة محميات بمشاركة المجتمعات المحلية لضمان استدامة التدخلات، وبناء منصة رصد وطنية تعتمد GIS والذكاء الاصطناعي لتحليل التغيرات وخلق أدلة قابلة للاستخدام القانوني والدبلوماسي، وتفعيل دور مؤسسات الأمم المتحدة، والمؤسسات الدولية المتخصصة في المجال البيئي، كالاتحاد الدولي لحماية الطبيعة.
واقترحت الخريطة رزمة إصلاحات تشريعية وسياساتية تقودها سلطة جودة البيئة. كالإسراع في تعديل قانون البيئة تدمج الإبادة البيئية كخطر داهم، واعتماد نسخة محدثة من خطة العمل الوطنية للتنوع الحيوي، وإقرار سياسة وطنية للموارد المائية المرتبطة بالتنوع الحيوي، وتوسيع وحماية المحميات وإدارتها، ووضع خطة لإنعاش وادي غزة بعد وقف الحرب، واعتماد نموذج إدارة تشاركية مع لجان محلية تتلقى تمويلاً تشغيلياً سنوياً، وإنشاء منصة وطنية للرصد البيئي، وبناء شروع ذكاء اصطناعي لرصد الانتهاكات، ودعم البحث العلمي المحلي، وإنشاء صندوق وطني لحماية التنوع الحيوي، واعتماد آليات اقتصاد أخضر محلي، وبناء تحالف دولي لحماية الموائل الفلسطينية من خلال اتفاقات فنية مع الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة وغيره، وتوثيق الانتهاكات البيئية واستخدامها في آليات الأمم المتحدة والمحاكم الدولية.
وتضمنت الخريطة خطة تنفيذية تشمل تشكيل لجنة وطنية عليا للتنوع الحيوي، وتحديث الإستراتيجية الوطنية للتنوع الحيوي، وتعديل التشريعات، وإطلاق قاعدة بيانات تجريبية، وتدريب فرق العمل الميدانية، وإعلان محميات جديدة، وإجراء تقييم ووضع سياسات مستدامة لدمج الاقتصاد الأخضر، وتوسيع الشراكات الدولية، وبناء قدرات مستدامة. كما اشتملت مؤشرات قياس للأداء، وتحليل المخاطر وسبل التخفيف.
وأكد المؤتمر أن التقاء واقع الإبادة البيئية، والتحديات المناخية المتفاقمة، والتحول الرقمي المتسارع، يشكّل لحظة فارقة في مسار العمل البيئي الفلسطيني، فهذه التحديات، على قسوتها، تفتح نافذة لإعادة صياغة نموذج وطني متقدم للإدارة البيئية، يقوم على المعرفة، والعدالة، والتكنولوجيا، والصمود.
وقدم المؤتمر إطار علميا وعمليًا يُسهم في بلورة خطة وطنية قادرة على حماية الموارد الطبيعية، وتعزيز قدرة المجتمع الفلسطيني على التكيف، وتوظيف الذكاء الاصطناعي كأداة سيادية للتنمية المستدامة، وليست بديلًا عن الإرادة الوطنية، بل كرافعة لها.
ودعا إلى إدماج الإبادة البيئية في التشريعات والقوانين المحلية، وتفعيل البحث العلمي في قضايا الإبادة البيئية، والعمل على تأسيس مرصد لتوثيق الإبادة البيئية، وإطلاق جهود المناصرة البيئية والإعلام الرقمي للكشف عن الإبادة البيئية، وحث نقابة المحامين على مضاعفة الجهود للتعريف بالإبادة البيئية.
وحث المشاركون على إطلاق مبادرات لطلبة المدارس في قضايا التعريف بالتغير المناخي، وتشجيع التحول نحو الطاقة النظيفة والحد من الزحف العمراني، وإطلاق مبادرات للزراعة المائية في المدارس، وتطوير الرصد الجوي للكشف المبكر عن الظواهر المناخية المتطرفة، وتنظيم عمل الراصدين الجويين الهواة، وتبني الهيئات المحلية لرزم إصلاحات لوقف البناء في مجاري الأودية، والالتزام بالمعايير الهندسية، وتنظيم إنشاء الدفيئات الزراعية لعدم مفاقمة الظواهر المناخية المتطرفة.
ودعا المؤتمر لتطويع الذكاء الاصطناعي في حماية البيئة، والبدء باستحداث مجسات لمراقبة تلوث الماء والهواء والتربة، والدعوة لبناء قاعدة بيانات محدثة لتعزيز الرواية الفلسطينية البيئة، وربط الإعلام المحلي بالذكاء الاصطناعي من خلال نشر الوعي البيئي، وتطوير الإعلام الحساس للقضايا البيئية.
وحث المجتمعون وزارة الأوقاف والشؤون الدينية والكنائس في فلسطين على تعزيز جهودها في رعاية الخلق والعدالة البيئية والمناخية، وبذل جهود دائمة لرفع الوعي البيئي من خلال المساجد وخطب الجمعة ومواعظ الأحد.
وختامًا، تضمنت الخطة دعوة سلطة جودة البيئة ملاحقة المتعدين على البيئة، وبخاصة حرق النفايات في المكبات العشوائية، التي تترك تداعيات كبيرة.
المؤتمر الفلسطيني الخامس عشر للتوعية والتعليم البيئي يُطلق خارطة طريق وطنية للعمل البيئي

