Site icon تلفزيون الفجر

هيئة الأسرى ونادي الأسير: آلاف المعتقلين الإعدام البطيء والتعذيب والتجويع والحرمان من العلاج

قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، إن الاحتلال الإسرائيلي، يواصل تنفيذ عمليات تدمير ممنهجة بحق المعتقلين كافة دون استثناء، عبر منظومة متكاملة تقوم على جرائم التعذيب الممنهج.

وأضافت المؤسستان في إحاطة، اليوم الخميس، تناولت واقع أكثر من 9300 معتقل في معتقلات ومعسكرات الاحتلال الإسرائيلي، خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أن عمليات التدمير الممنهجة تتم عبر أساليب وسياسات جرى ترسيخها على نحو غير مسبوق منذ بدء حرب الإبادة، بما يشكل جزءا من هذه الحرب، وعمليات المحو الاستعماري المتواصلة بحق شعبنا في مختلف الجغرافيات الفلسطينية.

وأوضحتا أنه استنادا إلى عشرات الزيارات التي نُفذت خلال كانون الأول لمعتقلات: عوفر، والنقب، ومجدو، والرملة – العيادة، وقسم ركيفت، وشطة، وجلبوع، وجانوت، إضافة إلى عدد من المعسكرات، من بينها سديه تيمان وجلعاد، فضلا عن معتقل “الدامون” الذي تُحتجز فيه المعتقلات؛ فإن جميع الإفادات التي أدلى بها المعتقلون، تعكس تصاعدا متواصلا في عمليات التعذيب بحقهم، وارتفاعا ملحوظا في وتيرة حملات القمع المنظمة التي تنفذها وحدات خاصة مدججة بالسلاح.

وأكدت الإحاطة، استمرار جريمة التجويع الممنهجة، وحرمان المعتقلين من العلاج والرعاية الصحية، إلى جانب مواصلة سياسات السلب والحرمان من أبسط مقومات الحياة الإنسانية، واستمرار السياسات التي تستهدف المساس بالكرامة الإنسانية لهن، من خلال ممارسات الإذلال والتنكيل المتواصلة، التي تُنفذ بشكل لحظي وعلى مدار الساعة.

استمرار عمليات القمع

شكلت عمليات القمع إحدى أبرز السياسات التاريخية التي مارستها منظومة معتقلات الاحتلال، بهدف فرض مزيد من السيطرة والرقابة على المعتقلين والمعتقلات، وقد تصاعدت هذه العمليات على نحو غير مسبوق منذ بدء حرب الإبادة، ولم يَسلم منها أي أسير، وتسببت في غالبيتها بإصابات متفاوتة، ولا سيما الكسور، خاصة في الأضلاع.

وخلال شهر كانون الأول/ ديسمبر، وثقت الهيئة والنادي، عبر طواقمهما القانونية، العديد من الإفادات المرتبطة بعمليات القمع الممنهجة، بما في ذلك تلك التي استهدفت النساء المعتقلات والأطفال.

وفي سجن “الدامون”، الذي تحتجز فيه المعتقلات، ويبلغ عددهن اليوم نحو (50) معتقلة، نفذت وحدات القمع سلسلة من الاعتداءات داخل عدة غرف (زنازين).

ففي تاريخ 5/12/2025، اقتحمت قوات القمع ثلاث زنازين، وأقدمت على رش الغاز المسيل للدموع، وأجبرت المعتقلات على الاستلقاء على الأرض، واعتدت عليهن بالضرب، بالتزامن مع توجيه شتائم وألفاظ نابية، وذلك عقب ادعاء إدارة السجن العثور على عبارات “تحريضية” كما فُرضت عليهن جملة من العقوبات، من بينها إغلاق الغرف والحرمان من “الفورة”.

وفي 14/12/2025، وخلال ساعات الفجر، جرى اقتحام غرفتين، حيث تم تقييد المعتقات بالأصفاد من الخلف، وتعصيب أعينهن، وإخراجهن إلى الساحة في البرد القارس، وإجبارهن على خفض رؤوسهن والجلوس على ركبهن، كما جرى تصوير عملية القمع، بما في ذلك أعمال التخريب الواسعة التي نُفذت داخل الغرف، وذلك بمرافقة الكلاب البوليسية، واستخدام القنابل الصوتية، وبحسب إفادات الأسيرات، استمرت عملية القمع من ساعات الفجر وحتى الساعة السابعة صباحا.

وأكدت المعتقلات أن معاناتهن تتضاعف مع حلول فصل الشتاء، في ظل البرد الشديد، ونقص الأغطية والملابس، وغياب أي وسيلة للتدفئة، إلى جانب استمرار سياسة التجويع الممنهجة، والحرمان من العلاج والرعاية الصحية، لا سيما في ظل وجود أسيرات يعانين من أمراض مزمنة، من بينها السرطان.

كما تعاني المعتقلات من الحرمان من تلبية احتياجاتهن الخاصة، وعلى رأسها الفوط الصحية، التي تُستخدم كأداة إضافية للإذلال والقهر.

وفي سجن “جانوت” (نفحة وريمون سابقا)، حيث يُحتجز عدد من قيادات الحركة الأسيرة في زنازين العزل الانفرادي، من بينهم القائد أحمد سعدات، تواصل إدارة المعتقل فرض ظروف احتجاز قاسية وصعبة، بعد مماطلات متكررة سبقت السماح بزيارته مؤخرا.

ويعاني سعدات من الإصابة بمرض الجرب (السكابيوس)، في ظل الحرمان المتعمد من العلاج، شأنه شأن المعتقلين كافة.

وبحسب الزيارة، فقد تعرض سعدات لاعتداء خلال نقله من زنازين عزل سجن “مجدو” إلى معبر الرملة، ما تسبب له بآلام شديدة في الظهر، قبل أن يُنقل إلى سجن “أوهليكدار”، ثم إلى زنازين سجن “جانوت – ريمون”.

يشار إلى أن عددا من قيادات الحركة الأسيرة محتجزون منذ أكثر من عامين في زنازين العزل الانفرادي، ويتعرضون لعمليات تعذيب واعتداءات متكررة وممنهجة، أسفرت خلال الفترة الماضية عن إصابات جسدية متعددة، من بينها كسور متفاوتة.

وعلى صعيد عمليات القمع في سجن “جانوت”، فقد شهدت تصاعدا ملحوظا عقب إتمام صفقة التبادل، حيث تُنفذ عمليات قمع بشكل شبه يومي تستهدف الأقسام والغرف، وتترافق مع رش الغاز، والضرب المبرح، واستخدام الرصاص المطاطي، والصعق الكهربائي، إضافة إلى الاستعانة بالكلاب البوليسية والهراوات، وغالبا ما تُنفذ هذه العمليات خلال ساعات الفجر أو منتصف الليل.

وفي السياق، أكدت الإفادات التي حصل عليها المحامون من المعتقلين في “جلبوع” و”شطة” أن عمليات القمع ارتفعت وتيرتها بشكل خطير، وتترافق مع اعتداءات جسدية عنيفة، والتعمد بإلقاء الغاز داخل الزنازين، واستخدام الهراوات وأجهزة الصعق الكهربائي، والكلاب البوليسية.

وقد خلفت هذه الاعتداءات رضوضا وإصابات مختلفة في صفوف العديد من المعتقلين، الذين يعانون أصلا من الجوع والمرض والإنهاك الجسدي، في ظل استمرار سياسة التجويع الممنهجة والحرمان من العلاج والرعاية الصحية.

ومن بين المعتقلين الذين جرى توثيق إفاداتهم في سجن “جلبوع”، عاهد أبو غلمي، الذي أكد تعرضه لسلسلة من الاعتداءات الممنهجة، مشيرا إلى أن وتيرة القمع لم تشهد أي تراجع.

كما لفت إلى استمرار تفشي مرض الجرب (السكابيوس) بين صفوف المعتقلين، والنقص الحاد في الملابس، وتفاقم المعاناة مع حلول فصل الشتاء، حيث تحول البرد القارس إلى أداة تعذيب إضافية.

إفادة المعتقل (م.د)

“بتاريخ 19/6/2025، تعرضت لإصابة بعد إطلاق قوات القمع الرصاص المطاطي على قدمي اليمنى. وبعد مطالبات متكررة، جرى نقلي إلى العيادة فقط، فيما رُفض تحويلي إلى المستشفى بذريعة وجود حالة طوارئ، وأعاني كذلك من آلام شديدة تتفاقم بفعل البرد، نتيجة إصابة سابقة قبل الاعتقال تسببت بكسر في الحوض، إضافة إلى تعرضي لخلع في الكتف جراء التنكيل المتكرر خلال عمليات النقل والتقييد”.

إفادة المعتقل (م.ل)

“تعرضت لإصابة في قدمي عقب عملية قمع، حيث استخدمت قوات القمع بنادق “الخرز”، ما أدى إلى إصابة خطيرة استدعت نقلي إلى العيادة. كما تعرض الأسير (م.ت) لاعتداء بالضرب، ما أسفر عن إصابته بكسور في القفص الصدري”.

وأجمع المعتقلون في إفاداتهم على أنه لا يمر يوم دون تعرضهم للضرب، أو الشتائم، أو الإهانات وعمليات الإذلال المتواصلة، فضلا عن الحرمان المتكرر من “الفورة” لأيام طويلة.

كارثة صحية وحرمان من العلاج

تواصل منظومة المعتقلات حرمان آلاف المعتقلين من حقهم في العلاج، والتعمد في فرض ظروف احتجاز قاسية تؤدي إلى تدهور أوضاعهم الصحية، سواء عبر سياسة التجويع، أو من خلال الاستمرار في فرض بيئة تساهم في انتشار المزيد من الأمراض والأوبئة.

وبالاستناد إلى الزيارات التي أُجريت للمعتقلات خلال كانون الأول، يتضح أن الأوضاع لم تشهد أي تحسن، بل إن سياسة الحرمان من العلاج، التي تشكل أداة لتدمير أجساد المعتقلين وإعدامهم بشكل بطيء، جرى ترسيخها وتحويلها إلى واقع دائم، ما دفعهم إلى الخوف من طلب العلاج، لما يقابله من ضرب واعتداءات.

ووثقت الهيئة والنادي إفادات مقتضبة لعدد من المعتقلين المرضى، من بينهم (د.د)، وهو معتقل إداري محتجز في “مجدو”، الذي خرج للقاء محاميه بوضع صحي كارثي، نتيجة معاناته من مرض التصلب اللويحي قبل اعتقاله، حيث تفاقمت حالته بشكل خطير بعد الاعتقال جراء حرمانه من العلاج، إلى جانب تسبب ذلك بظهور مشكلات صحية أخرى في الكبد والمعدة.

كما أفاد المعتقل (أ.م) بأنه، ورغم حصوله على تشخيص نهائي بإصابته بسرطان في الأمعاء والبطن بعد اعتقاله، إلا أنه لم يتلق حتى اليوم أي نوع من العلاج، ولا يعلم ما ينتظره من مصير صحي في ظل سياسة الحرمان المتبعة بحقه.

وقد أدت الكميات الشحيحة من الطعام المقدمة له، وسياسة التجويع المفروضة على المعتقلين، في تدهور إضافي لوضعه الصحي، إلى حد بات معه غير قادر على تناول الطعام المقدم له.

أما المعتقل (ي.ه)، فقد تعرض في معتقل “نفحة” لأعراض جلطة، وعند نقله إلى عيادة المعتقل، أقدم أحد “المسعفين” على الاعتداء عليه بالضرب.

ولاحقا، ومع تدهور حالته الصحية، جرى نقله إلى مستشفى “سوروكا”، حيث تبين أنه يعاني من مشكلات في الكلى إلى جانب الأعراض التي ظهرت عليه، قبل أن يُنقل لاحقا إلى “عيادة سجن الرملة”.

واستنادا إلى زيارات ميدانية أُجريت لمجموعة من المعتقلين المرضى في “عيادة سجن الرملة”، أكدوا أن إدارة المعتقل تنفذ اعتداءات بحقهم خلال عمليات نقلهم لتلقي العلاج.

وينسحب هذا النمط من الانتهاكات على مختلف المعتقلات، لا سيما عند مطالبة المعتقلين بالعلاج أو نقلهم إلى المستشفيات الخارجية، التي نادرا ما تتم، أو لا تتم إلا بعد وصول المعتقل إلى مراحل متقدمة وخطيرة من التدهور الصحي.

وفي إفادة لأحد المعتقلين الجرحى في “عيادة الرملة”، أكد أن من يُنقلون لجلسات غسيل الكلى يتعرضون للتنكيل، وفي كثير من الأحيان للضرب المبرح، مشيرا إلى وجود معتقلين مرضى من لبنان وسوريا.

الجوع أداة تعذيب

تُشكل سياسة التجويع إحدى أخطر وأبرز السياسات التي فرضتها منظومة المعتقلات على المعتقلين منذ بداية حرب الإبادة، حيث تحولت أجسادهم إلى شهادات حية على حجم الكارثة الإنسانية الناتجة عن عمليات التجويع الممنهجة، بمن فيهم النساء والأطفال.

وبعد مرور أكثر من عامين على حرب الإبادة، تعكس إفادات المعتقلين مستوى غير مسبوق من المعاناة اليومية مع الجوع وانعكاساته الكارثية على أوضاعهم الصحية.

في “النقب”، تركزت إفادات المعتقلين خلال شهر كانون الأول على التراجع الحاد في كميات لقيمات الطعام المقدمة لهم.

وقد ألقى استمرار سياسة التجويع بظلاله الثقيلة، وبشكل متفاقم مع مرور الوقت، على أوضاعهم الصحية، إذ يتضور المعتقلون جوعا منذ أكثر من عامين، ويعانون من نقصٍ حاد في أوزانهم، وهزال شديد، ما أسهم في تفاقم حالتهم الصحية، ولا سيما لدى المصابين بأمراض مزمنة أو ضعف في المناعة.

إلى جانب ذلك، شهدت المعتقلات تفشي العديد من الأمراض، وفي مقدمتها مرض “الجرب – السكابيوس”، الذي انتشر على نطاق واسع نتيجة انعدام الإجراءات والأدوات اللازمة للحفاظ على النظافة الشخصية، فضلا عن حالة الاكتظاظ الشديد داخل الزنازين.

ومؤخرا، أفاد معتقلون في أحد أقسام “النقب” بإصابتهم بفيروس لم يتم تشخيصه بشكل واضح، تسبب لهم بأعراض صحية صعبة استمرت نحو أسبوعين، قبل أن يتعافوا منه دون تقديم أي علاج طبي.

وفي إفادة للمعتقل (غ.م)، أوضح أنه أُصيب بمرض السكابيوس لمدة شهرين، هو وجميع المعتقلين الذين كانوا معه في الزنزانة، وتطور المرض لديهم حتى تحول إلى دمامل غطت أجسادهم، دون أن يتلقوا أي نوع من العلاج، فيما اكتفت إدارة المعتقل بتزويدهم جميعا بمرهم واحد فقط.

وفي السياق، تؤكد المؤسستان أنه، وعلى الرغم من وجود قرار صادر عن المحكمة العليا للاحتلال يؤكد أن كميات الطعام المقدمة للمعتقلين لا تستوفي المعايير القانونية، فإن منظومة المعتقلات لم تُعر أي اعتبار لهذا القرار. بل على العكس، تتصاعد الإفادات حول النقص الحاد في الطعام، وتتفاقم معاناة المعتقلين مع استمرار إخضاعهم لسياسة التجويع لأكثر من عامين.

ومع أن هذا القرار يعكس، بشكل مجتزأ، صورة محكمة لم تُقر صراحة بسياسة التجويع، واكتفت بوصف الواقع القائم بعدم استيفاء كميات الطعام للمعايير القانونية، إلا أن ذلك يسلط الضوء على الدور المتواطئ الذي مارسته المحكمة العليا بشكل فج وواضح منذ بدء حرب الإبادة، بما في ذلك تغطيتها على الجرائم المرتكبة بحق المعتقلين.

التعذيب في معسكر “جلعاد”

منذ افتتاح معسكر “جلعاد” في معتقل “عوفر”، تشير الإفادات الواردة على ألسنة المعتقلين خاصة الجدد منهم، إلى تعرضهم لعمليات تعذيب ممنهجة، أسوة بما يجري في المعتقلات والمعسكرات كافة.

فقد تحول التعذيب إلى الركيزة الأساسية التي تقوم عليها مجمل السياسات والإجراءات داخل المعتقلات والمعسكرات، حيث تشمل ممارساته الاعتداءات الجسدية والضرب المبرح، والصعق بالكهرباء، وحرمان المعتقلين من أدنى مقومات الحياة، إلى جانب سياسات الإذلال المتعمدة، وكلها تندرج ضمن منظومة تعذيب متكاملة يجري تطبيقها بشكل منهجي.

وتعكس المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال مستوى مروعا من هذه الممارسات، ويُعد معسكر “جلعاد” نموذجا صارخا لذلك.

فقد تعمدت إدارة المعسكر إبقاء شبابيك الزنازين مفتوحة، ما أدى إلى تسرب المياه إلى داخلها ووصولها إلى فرشات الأسرى وأغطيتهم، التي لا تقي أصلا من البرد، دون توفير أي بدائل.

ويجري ذلك في وقت تتعمد فيه الإدارة سحب الأغطية والفرشات يوميا من الساعة السادسة صباحا وحتى ساعات المساء، في ظل بردٍ قارس يخيم على المعتقلين.

ويُضاف إلى ذلك الاكتظاظ الشديد داخل الزنازين، إذ يُحتجز في كل زنزانة نحو 11 معتقلا، يضطر بعضهم إلى النوم على الأرض المبللة بالمياه، كما يُجبرون على التكدس فوق أربعة (أبراش – أسرة) فقط، هربا من البلل والبرد. كذلك على الاستحمام بالمياه الباردة، في انتهاك صارخ لأبسط المعايير الإنسانية.

مأساة المعتقلين الأطفال

أكد المعتقل (ز.ي) أن معاملة المعتقلين الأطفال لا تختلف عن معاملة البالغين، حيث يتعرضون للضرب والشتم، وعمليات القمع، وسياسات التجويع، والحرمان من العلاج، دون أي اعتبار لأعمارهم أو لضعف بنيتهم الجسدية.

وخلال زيارة أحد المحامين لطفل معتقل في “عوفر”، أفاد الطفل بأنه يشتهي منذ شهور أن يتذوق قطعة حلوى، في شهادة تختزل حجم الحرمان والقهر الذي يعيشه الأطفال داخل المعتقلات.

إضافة إلى ذلك، يعاني المعتقلون الأطفال من انتشار مرض “الجرب – السكابيوس”، مع تزايد أعداد المصابين، دون توفير علاج فعلي لهم.

وبحسب آخر المعطيات، يبلغ عدد المعتقلين الأطفال نحو 350 طفلا، محتجزين في “عوفر” و”مجدو”، وهم محرومون من زيارة ذويهم ومن زيارات اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ بدء حرب الإبادة.

معتقلو غزة في مواجهة التعذيب

اعترفت سلطات الاحتلال، بوجود أكثر من 1400 مواطن من غزة معتقلين في المعتقلات والمعسكرات، غير أن هذا المعطى لا يعكس بالضرورة العدد الحقيقي لهم، لا سيما في ظل استمرار تنفيذ جريمة الإخفاء القسري.

وما تزال الإفادات التي تخرج تباعا من معتقلي غزة حول جرائم التعذيب التي تعرضوا لها تُعد من الأشد والأقسى والأكثر خطورة، لما تعكسه من مستوى غير مسبوق من التوحش، وأساليب تعذيب مورست بحقهم منذ لحظة الاعتقال، مرورا بمرحلة التحقيق، ولاحقا عبر ظروف احتجاز قاهرة وحاطة بالكرامة الإنسانية.

وخلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2025، نُفذت عدة زيارات لعدد من معتقلي غزة في المعتقلات ومعسكرات (النقب، عوفر، الرملة، وسديه تيمان).

ومجددا، نقل المعتقلون صورة صادمة لظروف اعتقال تنتهك أبسط المعايير الإنسانية. ففي قسم (ركيفت) في “الرملة”، أكدوا جملة من المعطيات التي لا تختلف عن تلك التي وثقتها المؤسسات خلال الفترات السابقة، وكان أبرزها ما يلي:

فيما يتعلق بالطعام، يُزود المعتقلون بثلاث وجبات يوميا بكميات ضئيلة للغاية، لا تكاد تتجاوز كونها لقيمات، كما تتعمد إدارة المعتقل سحب الفرشات والأغطية من الساعة الرابعة فجرا وحتى الساعة الحادية عشرة ليلا، ليبقى المعتقلون طوال النهار مستلقين على الحديد أو على الأرض.

وفي كل زنزانة يُحتجز أربعة معتقلين، ينام ثلاثة منهم على (الأبراش – الأسرة)، فيما يُجبر الرابع على النوم على الأرض.

ويُمنع المعتقلون من أداء الصلاة بشكل جماعي، ولا يُسمح لهم إلا بالصلاة فرادى، كما يُحظر عليهم الحصول على المصاحف.

وتستمر عمليات القمع والضرب بشكل يومي، حيث يتعرض المعتقلون للضرب بالهراوات، إلى جانب سياسة متكررة لتكسير الأصابع.

وخلال فترة “الفورة”، يُبقي السجانون المعتقلين مقيدي الأيدي، ويُمنعون من رفع رؤوسهم، فيما تتواصل المسبات والشتائم والإهانات اللفظية بشكل دائم، كما تُمارس سياسة التهديد والضرب قبيل زيارات المحامين، حيث يُهددون في حال إفادتهم عما يتعرضون له، فضلا عن انعدام تام لمقومات النظافة العامة.

أما في معسكر “سديه تيمان”، فقد أكد المعتقلون أنهم يُزودون أيضا بثلاث وجبات يوميا بكميات قليلة جدا. ويُجبرون على النوم من الساعة التاسعة مساء وحتى الرابعة فجرا فقط، فيما يُمنعون من النوم بقية ساعات اليوم، ويُرغمون على الجلوس طوال الوقت. كما يُحظر عليهم التحدث مع بعضهم البعض، سواء داخل الغرف أو خلال “الفورة”، ويُجبرون على خفض رؤوسهم أثناء الخروج إليها.

ويُسمح للمعتقلين بالاستحمام يومي الأحد والثلاثاء فقط، ولمدة لا تتجاوز بضع دقائق، كذلك بتبديل الملابس الخارجية مرة واحدة كل شهر. وتُزود كل زنزانة بلفة محارم واحدة فقط لكافة المعتقلين، ويتراوح عدد المحتجزين في الغرفة الواحدة بين 12 و16 معتقلا.

إلى جانب ذلك، تستمر عمليات القمع والضرب، والشتائم، وسياسة الإذلال الممنهجة، حيث يُجبر كل معتقل على ارتداء سوار يحمل رقما، ويتم التعامل معهم حصريا وفق الأرقام، في مسعى واضح لمحو هويتهم الإنسانية.

وطالبت المؤسستان في الإحاطة، بتفعيل الولاية القضائية العالمية لملاحقة المتورطين في التعذيب وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات ضد المعتقلين، وتعليق كافة أشكال التعاون مع الاحتلال حتى امتثاله الكامل للقانون الدولي.

ودعت إلى ضمان الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، بما يشمل: إنهاء الاعتقال الإداري، وتفكيك نظام المحاكم العسكرية، وإجراء تحقيقات مستقلة في جميع حالات التعذيب والاستشهاد داخل المعتقلات، والتعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية ودعم تحقيقاتها وتنفيذ مذكرات التوقيف بحق المتورطين في الجرائم الدولية، ولسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة المعتقلين والاطلاع على ظروف اعتقالهم.

Exit mobile version