فوضى وصدمة .. اغتيال هنية وصورة النصر من كواليس هجوم طهران المفاجئ!
كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، صباح اليوم الجمعة، تفاصيل جديدة حول اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في العاصمة الإيرانية طهران.
وبحسب تقرير الصحيفة الذي أعده الصحفي الشهير والمعروف بعلاقاته السياسية والأمنية الاستخباراتية رونين برغمان، فإنه لساعات لم يتم تسريب أي معلومات حول اغتيال هنية، وكانت هناك حالة من الفوضى والصدمة سادت في أوساط قيادة “حماس” من جهة، وفي إيران من جهة أخرى.
ووفقا لبيرغمان، فإن الهجوم وقع نتيجة تفجير عبوة ناسفة في مقر إقامة هنية المحصن جيدًا من قبل الحرس الثوري الإيراني والذي يشرف على الحماية الأمنية فيه.
وبين أن الغرفة التي تم تصفية هنية فيها مخصصة للضيوف المهمين والمتميزين بشكل خاص، وقد نالت إعجاب هنية واستخدمها في جميع زياراته لإيران.
قبل اغتياله بساعات، حصل هنية خلال حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، على ترحيب حار، والتقطت له مئات الصور، وربما كان واحدا من أكثر الأشخاص الذين تم تصويرهم في التاريخ بمثل هذا النوع من الأحداث، نظرًا للتوقيت والتغطية الدولية ولأنه تواجد 86 وفدا وصلوا لطهران في الساعات التي سبقت الاغتيال والتنصيب.
وبحسب التقرير، فإن القنبلة زرعت بشكل احترافي في غرفة هنية، بحيث لا يمكن للحدث أن ينتهي إلا بطريقة واحدة، يشبه إلى حد ما اغتيال قائد الجناح العسكري لحركة “حماس”، محمد الضيف، الذي تأكد أمس أيضا اغتياله، والذي اغتيل فور أن عرف مكانه.
ويضيف بيرغمان في تقريره: أمام العبوة الناسفة المستخدمة في اغتيال هنية، لم يكن لديه فرصة للخروج من المكان حتى ولو بإصابة خطيرة.
يقول: عشرات من الأشخاص كانوا يراقبون شاشات التلفاز في عدة أماكن لمعرفة فيما إذا كان هناك أي نبأ أو رد فعل على ما جرى، وقبل الساعة الثالثة فجرا بقليل، نشر نجل هنية منشورا غريبا عبر فيسبوك، لكن لم يعرف فيما إذا كان يعرف ما حدث لوالده أم لا، ولعدة ساعات لم يتم تسريب أي معلومات من ذلك المنزل الواقع على تلة في طهران.
يضيف: كبار المسؤولين في حماس والحرس الثوري الذين سئلوا عما إذا كانوا يعلمون إذا كان هناك أي شيء قد حدث لأحد قادة المنظمة الموجودين في طهران، ضحكوا وسخروا من السائلين، فما هي احتمالات أن يحدث لهم شيء ما هناك، في إيران؟، لكن في ذلك الوقت كان بعض من علموا باغتيال هنية يجتهدون لمنع تسريب أي معلومات حول ذلك.
ويتابع: في الخامسة والربع من صباح يوم الأربعاء، نشر ابن هنية منشورا كان يشير بشكل واضح لاغتيال والده، وبعد 5 دقائق فقط أعلن الحرس الثوري الإيراني ذلك، وعندها انتشرت فوضى في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وبعد ساعات قليلة، في واحدة من أكثر المنشآت الأمنية حراسة في الشرق الأوسط، جلس مجموعة من النساء والرجال المطلعين على ما يجري، وجميعهم يعانون من علامات واضحة لقلة النوم،فيما كانت إيران لا تزال في حالة صدمة عميقة، وكذلك الأمر بالنسبة لأبناء حماس الذين صدموا من اغتيال هنية في قلب طهران. كما يقول بيرغمان.
في المنشأة الأمنية، قال أحدهم: “ربما تكون هذه هي الخطوة الأخيرة لإسرائيل في الحرب في غزة، وأن هذه ستكون صورة النصر التي يتوقعها الجميع، والتي لا يمكن لنتنياهو الاستغناء عنها”، وأجاب أحد الحاضرين “إسرائيل لن تعترف أبدا بتورطها في عملية الاغتيال هذه”، وقال آخر: “فليقولوا إذن أن هذه هي صورة انتصار إسرائيل”.
يضيف: ساعات إضافية للأمام في الجدول الزمني، كانت أجواء الشرق الأوسط مليئة بالتهديدات بالانتقام والخوف في إسرائيل من المستقبل، وأي حديث عن نهاية الحرب يبدو غير ذي صلة، ولكن على وجه التحديد بسبب الخوف من حرب إقليمية، ومن المنطقي دراسة إمكانية إغلاق الاتفاق، والسماح بتعزيز الصفقة ووقف إطلاق النار.
وتابع: في وقت أعربت أطراف مختلفة في الدول الوسيطة المشاركة في المفاوضات عن غضبها إزاء عملية الاغتيال، ومن غير المرجح أن تجد عزاءها في حقيقة أن الأمر كان من الممكن أن يكون أسوأ من ذلك بكثير، ومن ناحية أخرى، من المهم التأكيد على أنه على الرغم من أن عملية في قطر كانت ستتضمن مخاطر أقل لحدوث اشتعال إقليمي، إلا أن من قاموا بالعملية فضلوا عدم تنفيذها على أراضيها بفضل مساهمتها في إطلاق سراح المختطفين، وأن أي اغتيال على أراضيها سيكون ضارا جدا ومن المؤكد أنه سيقضي على نصيبها من الوساطة.
ويشير التقرير إلى أن هناك فجوة كبيرة في تقييم مدى الضرر الذي سيلحق بالمفاوضات، ورأى المسؤولون القطريون والمصريون والأميركيون أن هنية شخصية معتدلة مقارنة بآخرين في حماس، وأولئك الذين يسعون إلى التوصل إلى اتفاق، في حين يدعو أشخاص مثل الضيف أو يحيى السنوار إلى اتباع نهج أكثر تطرفا وتشددا.
وبحسب التقرير، فإن من وجهة نظر المخابرات الإسرائيلية، فإن الصورة أكثر تعقيدا، وتعتقد مصادر استخباراتية إسرائيلية منذ فترة أن رئيس المكتب السياسي لحماس لم يساعد في دفع المفاوضات نحو التوصل إلى اتفاق، بل تسبب في بعض الحالات في تصلب موقف حركته.
وبحسب المصادر الإسرائيلية، قد تكون لدى هنية صورة نسبية شخص معتدل، ولكن خلف الكواليس وطوال أشهر المفاوضات، غالبا ما كانت مواقفه وتصوراته عائقا أمام تقدم المحادثات أكثر من السنوار، وتقول المصادر نفسها أيضا إنه الآن، مع انسحاب هنية من التأثير على موقف حماس في المفاوضات، فإنهم يأملون، إلى جانب الأحداث الأخرى التي ضربت حماس مؤخرا بما في ذلك الدخول إلى رفح واغتيال محمد الضيف أن تكون الحركة أكثر مرونة في استعدادها للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ويقدر المسؤولون الإسرائيليون أن حماس ستظل مهتمة بوقف إطلاق النار وأن اغتيال هنية لا يغير هذه الرغبة بشكل عميق.
ووفقا لمصادر مشاركة في المفاوضات، فإن عملية الاغتيال قد تؤدي على المدى القصير إلى تأخير إجراء المفاوضات قليلا كعمل احتجاجي من جانب حماس، لأن هنية كان حجر عثرة في المفاوضات من أجل التسوية، ورحيله سيسهل إمكانية تنفيذ الاتفاق بسرعة أكبر.
فيما يقدر مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن اغتيال هنية قد يخلق ضغوطا وإحساسا بالخطر لدى قيادة حماس خارج قطاع غزة، التي ظلت حتى الآن متوترة، وكانت تعتقد أنها تتمتع بالحصانة من الاغتيالات الإسرائيلية.
ولا يعرف فيما إذا كان نتنياهو سيقتنع بصورة النصر الحالية، لكن الاغتيال قد يوفر فرصة له بعد “كبش الفداء” في أعقاب اغتيال هنية والضيف، للمضي قدما بالصفقة وبما يمنع حرب إقليمية.
المصدر القدس دوت