عدَ تقرير لصحيفة “المونيتور” الأمريكية الغارة الجوية الإسرائيلية بالقرب من القصر الرئاسي في دمشق رسالة مفادها أن إسرائيل تستطيع الوصول إلى الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في قلب العاصمة، وقالت إن الهجمات تحذير للشرع يردعه عن الاستمرار في شن الهجمات المسلحة على الطائفة الدرزية في سوريا.
وفي حين نفذت طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي غارة جوية نادرة بالقرب من القصر الرئاسي في دمشق في الساعات الأولى من صباح الجمعة، متجنبة بذلك وقوع إصابات، لكنها حذرت القيادة السورية من إلحاق الضرر بالأقلية الدرزية في البلاد.
وقال مصدر عسكري إسرائيلي رفيع المستوى، طالبًا عدم الكشف عن هويته: “هذه رسالة واضحة للرئيس السوري أحمد الشرع”.
وأضاف المصدر العسكري: “الشرع هو المسؤول الوحيد عن سلامة الدروز في سوريا؛ وإسرائيل لن تتردد في الدفاع عن الدروز في سوريا حتى لو تطلب الأمر تدخلًا عسكريًا؛ وفي حين لن نسمح بمجزرة بحق الدروز، لن نسمح للجماعات المتطرفة أيضًا باستغلال الوضع الجديد وإيذائهم”.
لعب بالنار
وفي السياق ذاته، قال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى، شريطة عدم الكشف عن هويته: “هذا ليس حدثًا محليًا، وليس صراعًا عابرًا؛ هذه التطورات تحمل إمكانات استراتيجية هائلة؛ لإسرائيل تحالف دموي مع الدروز، وهي ملتزمة بحمايتهم، وإذا لم يُدرك الشرع أنه يلعب بالنار، فسيكتشف ذلك بالطريقة الصعبة”.
وأضاف المصدر السياسي أن “الشرع، من وجهة نظر إسرائيل، يعتبر الدروز حلفاء للحكومة السابقة، وليسوا جزءًا أصيلًا من الأمة السورية”. وتابع: “الشرع يعتبر الدروز بمثابة طابور خامس يتعاون مع المصالح الأجنبية، بما في ذلك المصالح الإسرائيلية”.
وأردفت الصحيفة أن إسرائيل تعتبر نفسها حامية للطائفة الدرزية، التي يُجنّد أفرادها في القوات المسلحة الإسرائيلية، والتي بلغ تعدادها 152 ألف درزي في عام 2024، وفقًا لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، أصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع إسرائيل كاتس، ورئيس الأركان العامة الفريق إيال زامير، بيانات في الأيام الأخيرة، حذّروا فيها القيادة الجديدة في سوريا من المساس بالدروز.
إبادة جماعية
وأشارت الصحيفة إلى أن الاشتباكات أسفرت هذا الأسبوع بين القوات السورية الموالية للحكومة ومسلحين دروز سوريين عن سقوط عشرات القتلى، ما دفع زعماء الطائفة إلى توجيه اتهامات بارتكاب إبادة جماعية.
وقبل شهرين، قتلت القوات السورية المتحالفة مع الحكومة الجديدة ما يقرب من 1600 مدني في المنطقة الساحلية السورية، معظمهم من الأقلية العلوية، التي ينتمي إليها الرئيس السابق بشار الأسد.
ولفتت إلى أن لأبناء الطائفة الدرزية، التي يبلغ تعدادها مليون نسمة، والمنتشرة بشكل رئيسي في إسرائيل ولبنان وسوريا، تاريخٌ حافلٌ بالتحالف مع حكام الدول التي يعيشون فيها.
وأشارت الصحيفة، إلى أن الاشتباكات أثارت اضطرابات بين أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل، التي تنظر إلى الدروز في سوريا ولبنان كإخوة وملتزمة بحمايتهم.
رسالة تهديد
وفي هذا السياق، حذر مسؤول درزي كبير وضابط سابق رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي أيضا من أن الهجوم الإسلامي على الدروز السوريين، الذين يعيش معظمهم في قرى جنوب دمشق وبالقرب من الحدود الإسرائيلية، يُشكل خطرًا على إسرائيل أيضا.
وخلصت الصحيفة إلى أن إسرائيل لم تقتنع بالتصريحات التي أدلى بها مسؤولون سوريون كبار في الأيام الأخيرة لطمأنة الدروز وإدانة التحريض والكراهية ضدهم.
وفي حين تنظر إسرائيل إلى التهديد الذي يتعرض له الدروز باعتباره مجرد عنصر واحد من تهديد أكبر تشكله القوى الإسلامية، يبدو أن قصف مكان قريب من قصر الشرع، يحمل رسالة تهديد واضحة.