بحث البرلمان الإيراني اليوم الأحد الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي ردا على عودة آلية تنفيذ العقوبات على طهران والتي طالب وزير الخارجية عباس عراقجي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونیو غوتیریش بمنع تفعيلها.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” أن البرلمان الإيراني عقد جلسة مغلقة بطلب عدد من النواب لمناقشة القضايا الداخلية وفي مقدمتها عودة العقوبات الأممية.
وأشار موقع “نور نيوز” إلى أن ثمة تقارير غير مؤكدة تشير إلى بحث البرلمان مسألة الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، مشددا على أن بلاده غير ملزمة بتنفيذ تلك القرارات.
وحذر رئيس البرلمان الإيراني من أن” أي إجراء يتخذ ضد إيران استنادا إلى تلك القرارات سيقابل برد صارم”. وأضاف أن الدول الغربية “اشترطت التفاوض مع واشنطن، والسماح لمفتشي الوكالة الدولية بدخول المنشآت النووية الإيرانية، مقابل تمديد آلية الزناد”.
وقال قاليباف، من دون الخوض في التفاصيل، “نعلن أنه إذا أرادت أي دولة اتخاذ إجراء ضد إيران بناء على هذه القرارات غير القانونية، فإنها ستواجه رد فعل حازما من إيران، وستواجه الدول الأوروبية الثلاث التي بادرت بهذا الإجراء غير القانوني رد فعل منا أيضا”.
وفي حديثه لنادي الصحفيين الشباب، التابع للتلفزيون الرسمي الإيراني، قبل انعقاد الجلسة، صرّح النائب إسماعيل كوثري بأن البرلمان سيناقش الانسحاب من المعاهدة النووية. وقال إن “البرلمان سيناقش هذه القضايا ويتخذ قرارا بشأنها”.
وعندما سُئل كوثري من قِبل نادي الصحفيين الشباب عما إذا كان انسحاب إيران من المعاهدة يعني المضي قدما في بناء القنبلة، أجاب: “لا، هذا لا يعني ذلك. ستُناقش هذه المسألة بشكل منفصل لاحقا، ويمكننا إدراجها على جدول الأعمال إذا لزم الأمر”.
من جهته، قال وزیر الخارجية عباس عراقجي في رسالة إلی الأمین العام للأمم المتحدة أنطونیو غوتیریش إن إجراء الترويكا الأوروبیة والولایات المتحدة في إعادة القرارات الملغاة لمجلس الأمن ضد إيران غیر قانوني”.
وأضاف في رسالته أن “البلدان الأوروبیة الثلاثة ومن خلال انتهاك التزاماتها بموجب الاتفاق النووي وقرار 2231، واستنادها إلی آلیة إعادة العقوبات الملغاة، تشكل استغلالا سافرا للعملیة المتوقعة في الاتفاق النووي”.
كما اعتبر أن مسودة القرار المقدمة من قبل رئیس مجلس الأمن في 19 سبتمبر/أيلول الجاري للتصویت “لا تفي بمتطلبات القرار 2231 ولا يمكنه إعادة فرض العقوبات التي أنهيت بالفعل”، مضيفا أن إجراءات البلدان الأوروبیة الثلاثة وأميرکا لإعادة العقوبات الملغاة تفتقد للمصداقیة”.
وحسب ما جاء في الرسالة، “فإنه ينبغي أن ينتهي العمل بالقرار 2231 كما تم الاتفاق عليه، وستنتهي کل القیود المتصلة بالملف النووي بموجب قرار 2231 في 18 أکتوبر/تشرين الأول المقبل بشكل دائم، والجمهوریة الإسلامية الإيرانية لن تعترف بأي محاولة لتجدید أو تفعیل أو تنفیذ القرارات بعد هذا التاریخ”.
وتابع “بناء علی ذلك، فإن الجمهوریة الإسلامية الإيرانية ترفض بشكل حازم إعادة القرارات الملغاة بموجب قرار 2231 لعام (2015) ولا تلتزم إيران ولا أي دولة عضو في الأمم المتحدة بالامتثال لمثل هذه الإجراءات غیر القانونية”.
ودعا عراقجي غوتیریش إلی الحیلولة دون أي محاولة لتفعیل آلیات العقوبات، ومن بینها لجنة العقوبات ووفد الخبراء وعدم تخصیص أي من موارد الأمم المتحدة لمثل هذه الإجراءات غیر القانونية أو استخدامها في دعم هذه الإجراءات.
وحسب عراقجي، فإن “الجمهوریة الإسلامية الإيرانية أظهرت دائما استعدادها للدبلوماسیة بهدف التوصل إلی حل عادل ومتوازن ومستدام. وللأسف، اختارت الدول الأوروبیة الثلاث والولایات المتحدة الأميرکية مسار المواجهة ظنا منها أن إيران تستسلم أمام الضغوط والترهیب. التاریخ أثبت بطلان هذا الظن وسیثبت من جدید”.
كما أكد الوزير الإيراني أن بلاده “ستواصل الدفاع عن حقوقها السیادیة ومصالحها بشکل حازم، وکل محاولة لإلحاق الضرر بإيران ستقابل بردود مناسبة، ومسؤولیة ذلك تقع علی عاتق الأطراف التي فضلت المواجهة والضغوط علی التعاون”.
واختتم عراقجي رسالته إلى غوتيريتش بالقول: “انطلاقا من شعوركم بالمسؤولية، نتوقع منكم ضمان عدم تمكن بعض الحكومات الغربية التي تتصرف خارج إطار القانون وبدوافع سياسية ضيقة، من استغلال الأمانة العامة إلى الضغط السياسي على إيران. فهذا الاستغلال يقوض مصداقية الأمم المتحدة وحيادها، ويضعف سلطة مجلس الأمن”.
وفي حديث سابق إلى التلفزيون الرسمي الإيراني قبل فرض العقوبات مساء أمس، سعى عراقجي إلى التقليل من شأن تأثير عقوبات الأمم المتحدة على البلاد.
وقال “سيكون له بعض الأضرار وبعض الخسائر لنا، ومع ذلك فقد صوّروه في وسائل إعلامهم على أنه أمر أعظم وأعظم بكثير مما هو عليه في الواقع، وسعوا إلى خلق وحش لتخويف الشعب الإيراني، ثم إجبار حكومتنا وسياستنا الخارجية على تقديم تنازلات ودفع ثمن في هذا الصدد”.
من جهته، أشاد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالترويكا الأوروبية لـ”قيادتها العالمية الحاسمة” بفرض العقوبات على إيران، مضيفا أن “الدبلوماسية لا تزال خيارا. ولكي يحدث ذلك، يجب على إيران قبول المحادثات المباشرة”.
الشارع الإيراني يعاني صعوبات اقتصادية ومعيشية لا تخفيها الجداريات الثورية (الأوروبية)
ماذا تعني العقوبات؟
وتُجمّد العقوبات مجددا الأصول الإيرانية في الخارج، وتُوقف صفقات الأسلحة مع طهران، كما تعقد أي تطوير لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، من بين إجراءات أخرى.
وجاء ذلك عبر آلية تُعرف باسم “إعادة فرض العقوبات”، وهي آلية مضمنة في الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 مع القوى العالمية، وتأتي في وقت يعاني فيه الاقتصاد الإيراني بالفعل من تدهور حاد.
ويشهد الريال الإيراني انخفاضا قياسيا في قيمته، مما يزيد الضغط على أسعار المواد الغذائية ويجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة. ويشمل ذلك اللحوم والأرز وغيرها من المواد الغذائية الأساسية للإيرانيين.
في هذه الأثناء، يخشى الناس من جولة جديدة من القتال بين إيران وإسرائيل، وربما الولايات المتحدة أيضا، حيث يبدو أن مواقع الصواريخ التي ضُربت خلال حرب الـ12 يوما في يونيو/حزيران يُعاد بناؤها.