Site icon تلفزيون الفجر

الليلة الأخيرة ما قبل الزواج

الليل طويل جدًا ويطول في هذه الليلة تراه يتعاقد مع القمر والنجوم كي يمضي وقتاً أطول لا يرغب أن ينطوي إن انطوى لا يمر كأي ليلة سبقت إن انطوى سينطوي حاملاً معه ذكريات لا تغيب أبداً وناقوس يدق في مخيلتنا من جديد من سيملأ السرير بعد اليوم ؟ ومن سيعد طبق الكريب اللذيذ ؟ ومن سيراسلني بوقت متأخر جداً ” معزومة على غرفتي ” لأقفز من نومي حالاً وكأنني معزومة بأشهر وأفخم المطاعم هو بالطبع كذلك لأنني معزومة على طبق شاورما لذيذ بغرفة أختاي
من سيستخدم ممتلكاتي بعد اليوم ؟ لأتذمر حينها لكنني أرد مازحاُ فوراً لأ بأس سأغلق مكتبي بالمفاتيح ولن يصل أحد لهذه الممتلكات ؟ من سيسألني أسئلة غريبة نوعاً ما كأن أكون جالسة وكلي تعب بعد يوم عمل طويل وتقول لي ” أضع لك المكياج وجهك مشرق اليوم وأرد بغربة وابتسم ثم اصمت ثم لا شيئ لمن سأقول بعد اليوم ” كل اشي بدك منه ” ! من سيجيب عن هذه الأسئلة ومن سيرمم هذا الفراغ ؟
حسناً لنعود بالزمن إلى الخلف كنا نتفاخر بالإطلاع على صورنا القديمة صور تحمل معانٍ عظيمة ترانا مرة نبتسم مرة نبكي مرة نقف مصدومين من الكاميرا ومرة نتكرم لاستحقاق حصلنا عليه
نرمي الصور على السرير وسرعان ما نقلبها هذه (راية) الأخت الأكبر سناً وعقلاً والأطول شعراً لكنها كانت الأكثر وزناً قبل عشرون عام ومع ذلك هي الأكثر اشراقا وجمالاً وبعد أن نضحك نجلس لساعة وربما أكثر نفكر متى سنكبر ؟ وكبرنا ولا أعلم كيف كبرنا تقاسمنا الأكل معاً وخرجنا الى المدرسة معاُ كنا نتنافس بالذكاء ودوماً من الأوائل على صفوفنا ,تراني أنا أقدم أختي كي أتكرم وهي تقدمني كذلك حتى بدت معلماتي تقول ( أختها راية ) لنفكر جيدا اسمها ليس مجرد اسم البعض كان يسميها راية اف ام والبعض الأخر يسميها علم وهي بالحقيقة علم وقامة لا يمكن نسيانها وصوتها إذاعي لا سيّما إنها درست صحافة وإعلام , أذكر إنني في كل طبق حلوى كنت أشتهيه كنت أرسله لأختي تعده بخطوات سهلة وسلسة وأكثر توفيراً فتراها تختصر المكونات بطريقتها الخاصة ليخرج طبقاً مغلّفاً بالمكسرات محشو بالشوكلاتة وكانت كاميراتها صديقتها, الصورة لوحدها ستجعلك تطلب الطبق حالاً سأشتهيه جداً ولتعلمي أختي أن لا محل للحلويات سيسد مكانك ولا أي وصفة ( كريب ) سنتقنها بعدك ولتعلمي أن مكونات الحلو ستتقلص من بيتنا بعد اليوم
غريبة هذه الحياة التي ننشأ فيها في بيت وبلمحة بصر نخرج إلى بيت آخر تاركين أحلامنا وصورنا المعلّقة على الحائط وشهادات التفوق تشهد على علمنا وحبنا لمدرستنا وبلادنا , نتعارك ونغني ونرقص ونسطر كل ما نريده من حياة البنات نحب الحياة ونلهو ويحين الموعد بعد أيام قلائل ستزفين لعريسك ترتدي طرحة بيضاء مكللة بالألماس والورد يملأك من كل جانب وريحة الياسمين تأبى أن تفارقك ستعيدي مجد ملكة اليزابيث وتسيرين كالأميرات وكلنا نبتسم كلنا نبكي وكلنا وجدنا وكلنا ذهبنا , الرؤية خفيفة أحاول أن لملم دموعي لكنها رفضت فسقطت فأخرجت نصاً حبيبتي راية :


ستخرجين من بيتنا الدافىء من ركننا ومن طقوسنا الرمضانية العام المقبل ستكون طاولة السفرة منقوصة بصحن ولم نعد نجهز طبقاً بجانب طبق اللبن الذي لا تحبيه ,بعد اليوم ستتركين الطبخة المرافقة حزينة وكاميرتك الأحب ستلتقطين فيها صور بيتك الجديد ومع شريكك الأبدي وسنبقى نزورك مرة أو مرتين لكننا لم نعد نراك يومياً , ولم نعد نتشارك ممتلكاتنا بعد اليوم أشياءنا منقوصة وفي مخيلتنا ذكريات لا شيئ غير الذكريات أي حب هذا؟ أي حزن هذا أي فرح هذا ؟ اختارك سليم وهو سليم القلب والعقل ولا يقبل الا أن تكون رايته مرفوعة
غاليتي لكِ كل الحب وأمنيات بعيش رغيد وحياة زوجية ملؤها الحب والسعادة تسطرين بها جل اهتماماتك وتضمين أطفالك لتصبحي ماما كما تحبين وكما رغبتي زواج مبارك
من بيت أمان إلى بيت أمان من بيت حب إلى بيت حب ألف مبارك لعل حياتك القادمة كما تحبين وأكثر ولنعد طبق الحلو سوياً ونضحك من شدة فرحنا تحت وردة الياسمين التي زرعتيها مدخل بيتك ولتكبري معها . ولنداعب الهواء الرقيق تحت سماء أخرى ونغني حتى نضحك معاً .

بقلم : شذا برهوش

Exit mobile version