الاحتلال يواصل اقتحام أحياء القدس والتضييق على الأهالي خلال شهر رمضان
اقتحمت قوات الاحتلال يوم أمس، عدة أحياء في مدينة القدس، من بينها العيسوية وشعفاط وبيت حنينا، حيث داهمت منازل عدد من الأسرى المحررين وسط تفتيش همجي وفرض غرامات ومخالفات على الأسرى وأهاليهم.
تحدث المستشار الإعلامي لمحافظة القدس، السيد معروف الرفاعي لتلفزيون الفجر، مشيرًا إلى أن سلطات الاحتلال بدأت بتكثيف إجراءاتها ضد الأسرى وذويهم حتى قبل تنفيذ صفقة التبادل، وقال: “قبل بدء الصفقة شرعت سلطات الاحتلال وشرطتها ومخابراتها باستدعاء أهالي الأسرى وفرضت عليهم تضييقات كبيرة، حيث منعتهم من إقامة مهرجانات أو احتفالات لاستقبال الأسرى المحررين، ووضعت شروطًا تعجيزية من بينها منع التجمعات في المنازل وإظهار أي مظهر من مظاهر الفرح”.
وأضاف الرفاعي أن شرطة الاحتلال اقتحمت منازل عدد من الأسرى المحررين في العيسوية وبيت حنينا وشعفاط، وقامت بتفتيشها بطريقة همجية، وفرضت غرامات ومخالفات مالية على الأسرى وأهاليهم، موضحًا أن هذه الإجراءات تأتي في سياق التضييق المستمر على الأسرى المحررين وعائلاتهم، بهدف تهجيرهم من مدينة القدس وإجبارهم على مغادرتها.
وأكد أن الاحتلال لا يريد بقاء الأسرى المحررين في القدس، ويعتبرهم “إرهابيين”، ولذلك يمنعهم من دخول البلدة القديمة والمسجد الأقصى طوال أيام شهر رمضان.
وأوضح أن هذه الإجراءات تهدف إلى التضييق على الأسرى المقدسيين، خاصة أولئك الذين ينتظرون تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة التبادل.
وأشار إلى أن الاحتلال كثف منذ السابع من أكتوبر الاعتداءات على أهالي الأسرى، حيث صادر ممتلكات عامة وخاصة، وفرض غرامات، وصادر الأموال والرواتب التي كانت تُدفع للأسرى وذويهم، وخاصة في مدينة القدس، مؤكدًا أن التركيز الأكبر كان على أسرى القدس مقارنةً بأسرى الضفة الغربية.
وفي سياق متصل شدد الاحتلال إجراءاته العسكرية خلال شهر رمضان، خاصة فيما يتعلق بوصول المصلين إلى المسجد الأقصى، مضيفًا الرفاعي إن القدس التي تعتبر من أجمل المدن التي تحيي هذا الشهر المبارك، تتعرض لانتهاكات واعتداءات متكررة، من ضمنها منع المصلين من الضفة الغربية من الوصول إلى المسجد الأقصى.
وأوضح أن الاحتلال فرض قيودًا صارمة على دخول المصلين، حيث حدد سن الدخول لمن هم فوق 55 عامًا للرجال وفوق 50 عامًا للنساء، بالإضافة إلى اشتراط الحصول على بطاقة ممغنطة، التي تكلف ما بين 250 إلى 300 شيكل وتستغرق أيامًا للحصول عليها، إلى جانب الحاجة إلى تصريح احتلالي خاص.
وأشار إلى أن الاحتلال يشترط البصمة عند الدخول والخروج، ويلاحق من لم يسجل خروجه بشكل رسمي، مضيفًا ان هذا العام لم يكتفِ الاحتلال بهذه الشروط، بل سمح فقط لعشرة آلاف فلسطيني من الضفة الغربية بالدخول إلى القدس، وحدد معبرين فقط لهذا الغرض: الأول قرب بيت لحم، والثاني عند حاجز قلنديا شمال القدس.
وتابع ذهبتُ في الجمعة الأولى والثانية من رمضان إلى حاجز قلنديا وشاهدت بعيني كيف تم منع كبار السن الذين تجاوزوا 75 و80 عامًا من الدخول، رأيتهم يفترشون الأرض تحت المطر والبرد القارس وهم يبكون، متحسرين على عدم تمكنهم من الصلاة في المسجد الأقصى.
وأشار إلى أن غالبية المصلين الذين تمكنوا من الوصول إلى الأقصى كانوا من أهل القدس والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، حيث نظمت حافلات لنقلهم لإعمار المسجد الأقصى.
وأكد أن الاحتلال نشر أكثر من ثلاثة آلاف عنصر من شرطة الاحتلال في أزقة القدس وشوارعها، وخاصة في البلدة القديمة، ونصب الحواجز الحديدية وضيّق على الشبان المقدسيين، حتى أنه منع بعضهم من دخول المسجد الأقصى أو البقاء فيه بعد صلاة التراويح.
وأضاف حتى طقوس رمضان التي اعتدنا عليها، مثل الجلوس على درجات باب العمود وإحياء ليالي رمضان، منعها الاحتلال وفي المقابل، سمح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى طيلة شهر رمضان باستثناء العشر الأواخر.
وحذر الرفاعي من أن هذه الإجراءات قد تستمر في الأعوام القادمة حتى لو توقفت الحرب على غزة، مشيرًا إلى أن أي تضييق يفرضه الاحتلال في القدس لا يتم إلغاؤه لاحقًا، بل يصبح واقعًا جديدًا، موضحًا ان إسرائيل تسعى إلى فرض واقع جديد في المسجد الأقصى، بحيث يصبح الدخول إليه مقتصرًا على أهالي القدس ومن يحملون الجنسية الإسرائيلية، وبالتالي يُمنع أهل الضفة الغربية من ممارسة شعائرهم الدينية في مسجدهم ومدينتهم المقدسة.
وأضاف: “هذه الإجراءات تهدف إلى فصل القدس عن محيطها العربي، وتكريسها كعاصمة موحدة للاحتلال، ليعتاد الفلسطينيون على فكرة أن هذه المدينة أصبحت إسرائيلية وممنوعة عليهم، كما أصبحت حيفا ويافا وعكا وسائر مدن فلسطين التاريخية”.
ووجّه الرفاعي التحية لأهل الداخل الفلسطيني المحتل، الذين لبّوا النداء وسارعت جموعهم منذ بداية شهر رمضان إلى المسجد الأقصى لإعماره والصلاة فيه، مؤكدًا أن هذه الجهود ساهمت في الحفاظ على الوجود الفلسطيني في الأقصى رغم التضييقات.
وختتم حديثه بالقول: “نأمل أن يأتي اليوم الذي نصلي فيه في الأقصى دون قيود، وأن يكون عامرًا بالملايين من أبناء الشعب الفلسطيني، وليس فقط بعشرات الآلاف”.