صداقات عالم الموضة FASHION FRIENDSHIPS
إيف سان لوران يتوسط ملهمتيه من اليمين لولو دو لا فاليز ومن اليسار بيتي كاترو،في افتتاح البوتيك الخاصة به في لندن، عام 1969،Yves Saint Laurent, designer with muses Louise de La Falaise, aka Loulou (right) and Betty Catroux (left), 10th September 1969. (مصدر الصورة: Dorean Spooner/Mirrorpix/Getty Images)
عالم الموضة مليء بالإبداع، ودهاليزه تعجّ بالصداقات المتينة والمنافسة المقنّعة، ولكن هل تعتبر الصداقات التي يعيشها المصمّمون حقيقية أم أنها لدواع مهنية بحتة؟ هل ثمة صداقات فعلية في هذا الوسط، أم أنها مجرد خدعة لدواعي الشهرة واستقطاب الأضواء؟ الجواب نجده عندما نعاين صداقات وطيدة عززت عالم الموضة العالمية على مدى سنوات. في المقابل، هل هناك صداقات مماثلة في العالم العربي بين الفنان والمصمم. إليك هذا التحقيق الذي يحتفي بالصداقة في عالم الموضة، وحيث المرآة لا تعكس داخلها سوى المظهر الخارجي فقط…
Stardom Bonds
الصداقة في الفن
قد يصعب علينا الإيمان بوجود الصداقة في عالم النجومية، وكأنه يصعب علينا تصور وجود مشاعر إنسانية عادية للنجوم. ولكن الصداقة التي ربطت ما بين محررة الموضة إيزابيلا بلو والمصمم الاسكتلندي ألكسندر مكوين كانت مثمرة وحقيقية، فهي من أقنعته بتغيير اسمه إلى ألكسندر مكوين، بدلاً من لي مكوين، فكان لاسم الدار وقع جذاب ساهم في انتشارها. في المقابل هو من دفع باسمها إلى الأعلى عرفاناً بجميلها، فالمحررة دفعت 5000 باوند كلفة المجموعة النهائية التي أطلقها في حفل تخرجه على نفقتها الخاصة، لذا فمن الطبيعي أن يكرّس لها مجموعة صيف 2008 التي أطلقها تكريماً لذكراها، ومن وحي أسلوب لباسها. كما كان لمصمم القبعات المعروف لدى العائلة البريطانية المالكة فيليب تريسي Philip Treacy دور في تعزيز انتشارها في العالم بفضل علاقاتها. وتعتبر هذه الصداقة مثلاً ضمن أمثلة كثيرة طبعت عالم الموضة، وسنتعرف معاً إليها…
Iconic Tandems
صداقات أيقونية
HUBERT DE GIVENCHY AND AUDREY HEPBURN
شكلت النجمة أودري هيبورن مصدر إلهام للمصمم أوبير دو جيفنشي ويعود تعاونهما إلى فيلمها الشهير Breakfast At Tiffany’s حيث نفذ المصمم لها فستانه الشهير Sabrina Black Dress من الساتان الأسود، الذي بات أيقونياً، وقطعة لا تفارق خزانة كل سيدة أنيقة. لقد استمرت صداقتهما 40 عاماً إلى حين وفاة المصمم في العام 93.
MADONNA & JEAN-PAUL GAULTIER
صداقة وطيدة تربط بين الإثنين، فالمصمم غوتييه هو المفضل للنجمة مادونا وهي تستعين به حصرياً في أزيائها الاستعراضية خلال جولاتها العالمية، ونذكر منها الكورسيه الشهير الذي ارتدته خلال جولة فنية قامت بها للترويج لألبومها Blond Ambition.
CHRISTIAN DIOR & YVES SAINT LAURENT
ربطت صداقة متينة بين المصمم كريستيان ديور وإيف سان لوران الذي عمل مع المصمم حتى وفاته، والذي استلم منصب المدير الإبداعي بعد رحيل ديور عن الحياة لمدة طويلة، قبل أن يطلق ماركته الخاصة. ولمدة أربعين عاماً شكلت النجمة بيتي كاترو Betty Catroux مصدر وحي للمصمم، وكانت معروفة باعتمادها التكسيدو الأسود من سان لوران، والنظارات القاتمة التي تضعها لا تكاد تفارق وجهها.
BLAKE LIVELY AND CHRISTIAN LOUBOUTIN
مما لا شك فيه أن نجمة Gossip Girl هي أيقونة الألفية الجديدة في ما يتعلق بالموضة. وتربط الممثلة بالمصمم كريستيان لوبوتان صداقة متينة، فهي تصرّ على حضور إطلاقه لمجموعاته الجديدة، وجميع أحذيتها هي من توقيعه الخاص، لدرجة أنه أهداها مجموعة 2016 كلها لتستفيد منها في خزانتها. وقد أطلق على الحذاء المفضل لديها من تصميمه اسم The Blake.
stella mccartney & taylor swift
تعود صداقتهما إلى العام 2009، فالاثنتان معروفتان بحب الطبيعة، وقد تعاونتا على ابتكار تصاميم صديقة للبيئة ومعادة التدوير. وتميزت تايلور سويفت بأزياء من مكارتني في جولاتها الغنائية، وقد ظهرت بمعطف أخضر رائع في معرض الترويج لألبومها Evermore، وسرعان ما نفذ من الأسواق بعد ثلاث ساعات فقط من ظهور تايلور سويفت به.
BELLA HADID & VIRGIL ABLOH
ينتمي الاثنان إلى الجيل نفسه تقريباً، وتجمعهما كيمياء العلاقات، لذا فمن الطبيعي أن تزدهر بينهما صداقة تعود إلى بدايات بيلا حديد Bella Hadid كعارضة مبتدئة. تعاونت بيلا مع أبلوه مراراً، وهي ترتدي إبداعاته في مناسباتها العديدة، لتصبح خير مروّجة لصورته كمصمم.
NAOMI CAMPBELL & ALAIA
هي صداقة وقصة وفاء متبادل، فالمصمم التونسي المقيم في فرنسا، تعاطف مع عارضة ملونة مبتدئة في عالم الموضة تبلغ السادسة عشرة من العمر. دافع عنها وساهم في إطلاقها عبر إشراكها في عروضه واقتراح اسمها على زملائه. بدورها ساهمت نعومي في إنجاح ماركته وفي تعزيز شعبيته، واستمرت صداقتهما الأيقونية حتى وفاته في العام 2018.
MARC JACOBS & VICTORIA BECKHAM
صداقتهما ترتبط بقصة طريفة، مفادها أن المصمم مارك جاكوبز الذي كان يشغل منصب المدير الإبداعي لدار لويس فويتون Louis Vuitton، رأى نجمة فرقة Spice Girls تحمل حقيبة مزوّرة من الدار. فأرسل إليها حقيبة أصلية في اليوم التالي كهدية، ومن حينها تربط بينهما صداقة جعلت من فكتوريا بيكهام أول الداعمين لدار باسمه، كما أنها عرضت بنفسها تصاميمه للترويج لداره وموهبته، وبصورة مجانية.
OLIVIER ROUSTEING &RIHANNA
عرف عن المصمم أوليفييه روستانغ صداقاته الكثيرة بالنجمات أمثال كيم كارداشيان Kim Kardashian وشقيقتها كايلي جينير Kylie Jenner التي تعاونت معه على إطلاق مستحضرات تجميل منذ حوإلى عامين، وتم استخدامها في عرض الكوتور ضمن أسبوع باريس للهوت كوتور. ولكن الصداقة الأقوى التي يعتز بها هي للنجمة ريهانا، التي تعاونت معه في تنفيذ وتصميم أزياء جولاتها الموسيقية منذ تولّيه منصبه كمدير إبداعي لدار بالمان Balmain. ولطالما عبّر المصمم عن مدى افتخاره بصديقته ريهانا على قدرتها في الدمج ما بين القطع الرجالية والنسائية في لوك واحد تظهر به.
MILEY CYRUS & JEREMY SCOTT
حتى قبل انضمامه إلى موسكينو Moschino مديراً إبداعياً، كانت مايلي سايروس النجمة الأكثر ارتباطاً به، فهي كانت تعتمد تصاميمه في إطلالاتها الفنية وحفلاتها الغنائية. وتجرأت نجمة الغناء والتمثيل على ارتداء أزياء من تصميمه عندما كان أسلوبه جريئاً إلى حدّ الجنون في بداية الطريق. صداقتهما حقيقية وأثمرت في العام 2015 بإطلاقهما ماركة مجوهرات باسمهما المشترك.
FRANCA SOZZANI & GIANNI VERSACE
كانت فرانكا سوزاني رئيسة تحرير مجلة Vogue الإيطالية، ولطالما كانت من أشد المعجبين والمشجعين لموهبة جياني فيرساتشي منذ انطلاقته في عالم التصميم.
?Fellowship or Marketing
حقيقة صادقة أم خدعة تسويقية؟
تساهم هذه «الصداقة» في إنتاج أعمال إبداعية، لذا يمكننا تسميتها «تعاوناً» Collaboration بحسب البعض، لأنها ترتقي بالماركة التي يمتلكها المصمم إلى مستويات أرفع، كلما كانت نجومية الفنان أو العارضة كبيرة. ويمكننا الحديث في هذا المجال عن ساره جيسيكا باركر ومانولو بلانيك، فالمصمم استفاد من نجومية البطلة ونجاح مسلسل Sex and the City، ولكن ساره جيسيكا باركر أطلقت بدورها ماركة أحذية، ويقال إن للمصمم دوراً فيها. كذلك يمكننا الحديث عن جنيفر لوبيز وصداقتها مع جيمي تشوJimmy Choo، أو مع جيوسيبي زانوتي Giuseppe Zanotti ومساهمة المصمّمَين في إطلاق كمية محدودة باسمها بهدف إنعاش الدار وزيادة المبيعات، ولا مانع من تحقيق المزيد من الأرباح المادية للنجمة جراء هذه «التعاونات» الناتجة عن صداقة مثمرة.
Ask the DESIGNER
الصداقة في عالم الموضة العربية… تشابك مصالح أم مشاعر نابعة من القلب؟
إذا كانت الصداقة الحقيقية موجودة في العالم الغربي، حيث تتشابك المصالح وتتفرع، فهل تراها موجودة في وطننا العربي؟
إذا نظرنا إلى الماضي، تلفتنا صداقات كثيرة جمعت بين النجوم، كالصداقة التي ربطت ما بين الشحرورة صباح والمصمم وليام خوري، وما بين النجمة اللبنانية مادونا والمصمّمَين إدوار وجورج شويتر. وكانت عدسات الكاميرا تسجل الكثير من المناسبات الخاصة والرسمية التي تجمع النجمات مع مصمّمي أزيائهم. وفي عصرنا الحالي، نذكر النجمة ميريام فارس التي تربطها صداقة مع المصمم رامي قاضي، وكانت تعتمده في غالبية إطلالاتها، وهو لا ينكر مساهمتها في إطلاق اسمه كونها تتمتع بشهرة عالمية، ورصيد من المعجبين بفنها في دول الخليج العربي. تلك الثنائيات قد تستمر فترة مؤقتة أحياناً، وتنطفئ قبل أن نشهد على ثنائيات أخرى، مثل التعاون الذي كان يجمع نيكولا جبران مع النجمة مايا دياب في كافة المناسبات الرسمية، قبل أن تعتمد النجمة مؤخراً تصاميم جان لوي صبجي. وثمة ثنائيات مستمرة ليس فقط لدوافع مهنية أو بسبب التقاء الرؤية بين الاثنين، ولكن نظراً للصداقة العائلية التي تجمع ما بينهما، مثل نيكولا جبران وأصالة، وبين إيلي صعب وإليسا، وأيضاً نانسي عجرم، تحرص هؤلاء النجمات على التواجد في عروض المصمّمَين، وخاصة مع إيلي صعب في باريس ضمن أسبوع الموضة الراقية، وهذا دليل على مدى متانة العلاقة التي تجمعهنّ بهم. ومن تلك الأمثلة التي تجسد الصداقة الحقيقية نذكر النجمة نادين نسيب نجيم وزهير مراد، وأيضاً سيرين عبد النور التي ربطتها بالمصمم انطوان قارح صداقة قوية، وقد التقينا بالمصمم وكان لنا معه هذا الحوار:
لماذا يعتبر وجود «ملهمة» أساسياً لكل مصمم؟
وجود الملهمة شرط أساسي للتصميم، ومن المهم وجود مصدر إلهام. قد تكون شخصية تشبه نجمة، وقد يكون المصمم مسحوراً بالشخصية القوية فيغلب على تصاميمه عنصر القوة. أو ربما يشدّه الطابع الأنثوي لنجمة ما، فيغلب الكورسيه وأيضاً التفاصيل الأنثوية على تصاميمه.
هل يفترض أن تكون الملهمة نجمة؟
ليس بالضرورة أن تكون نجمة، فقد تكون زبونة أو شخصية اجتماعية، ولكنها تركت أثراً ترجمته من خلال ثوب أو مجموعة.
ومن هي ملهمتك؟
ملهمتي الأساسية هي النجمة مونيكا بيلوتشي، وفي فترة ما كانت النجمة تشارليز تيرون. ولكنني أستمد إلهامي عامة من السيدة القوية، وإذا تمعّنت بهاتين النجمتين ترين أن قوة الشخصية قاسم مشترك بينهما.
من يستفيد أكثر من هذه العلاقة: المصمم أم النجمة؟
هي علاقة مشتركة تصب في صالح الطرفين، لأنها تفتح مجالات جديدة للمصمم المبتدئ بصورة خاصة. وهي تستفيد أكثر عندما يرتبط اسمها منذ بداية الطريق مع مصمم معروف. لا يهم أن تتمتع النجمة بجمال فائق لينجح التصميم المستوحى منها، فالكاريزما تلعب دوراً بالغ الأهمية في إيصال الرسالة إلى الناس. كذلك يبحث المصمم أحياناً عن الارتباط بشخصيات معروفة بالوسط الاجتماعي والإنساني، فتكتسب تصاميمه بعداً إضافياً بعيداً عن الشكل والأنوثة الطاغية.
هل تصمم فستاناً أم مجموعة من وحي نجمة؟
لا أصمّم مجموعة محورها نجمة واحدة، بل أرتبط بموضوع فلسفي أو فكرة، وأستوحي من شخصية معينة أو تقاسيم معينة لسيدة. أميل إلى المرأة الأنثوية والقوية، فقد تكون ممتلئة الجسم، أو ذات بشرة ملوّنة، فأحدّد الرسالة التي أريد إيصالها من خلال تنفيذ مجموعة كاملة. يُفترض بالمجموعة الكاملة أن توصل رسالة عميقة، كتقبل العيوب الخلقية أو التحلي بالثقة بالنفس عن طريق إطلاق تصاميم تلحظ مختلف القياسات الصغيرة والكبيرة.
هل هناك صداقة حقيقية تجمعك بالنجوم؟ أم الأمر مجرد تقاطع مصالح؟
تربطني بالعديد من النجمات صداقة قديمة، مثل سيرين عبد النور، وأخرى جديدة، فالبعض منهنّ مقرب مني وأدعوهنّ إلى منزلي. ومع البعض الآخر نكتفي بالتعاون في إطلالات، وبتبادل التحية والدردشة الودّية في الأماكن العامة، وهي استراتيجية تريح النجم كونه يحبّ أحياناً ترك مسافة آمنة مع المصمّم. بالنسبة لي، أصمّم لكل نجمة ما يعبّر عنها ويضيف بعداً جديداً لشخصيتها، كالتعاون مع النجمة ديما قندلفت، أو مع شخصيات مسلسل «للموت» مثل ماغي أبو غصن أو دانييلا رحمة، ولا يمكنني القول إنني أصمم لسيرين أفضل مما أصمّمه لداليدا، لأن النجمتين مختلفتين بشخصيتيهما، ولا يمكنني تنفيذ تصاميم مشتركة للاثنتين، وهذا هو عنصر نجاح وقوة للفنان.