البنك الدولي: الاقتصاد الفلسطيني لا يزال معرضاً للمخاطر
توقع تقرير جديد للبنك الدولي، تراجع نمو الاقتصاد الفلسطيني في العام الحالي 2023، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن الاقتصاد قد واصل انتعاشه بمعدل نمو قدره 4% في عام 2022، إلا أن سبب ذلك يرجع إلى استمرار تعافي الاستهلاك الخاص، مع انحسار القيود المفروضة على التنقل بسبب جائحة كورونا، لكن زيادة التوترات في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، تحمل مخاطر سلبية كبيرة.
وفي هذا الصدد، قال ستيفان إمبلاد، المدير والممثل المقيم للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة:”على الرغم من بوادر التعافي التي شهدها الاقتصاد الفلسطيني في عام 2022، إلا أن النمو لا يزال يتسم بالحساسية إزاء تصاعد التوترات في الأراضي الفلسطينية، واستمرار القيود المفروضة على التنقل والعبور والتجارة. ومن أجل تحقيق رفع مستويات المعيشة، وتحسين استدامة حسابات المالية العامة، وخفض البطالة بطريقة هادفة، فإن كل ذلك يحتاج إلى تحقيق معدلات نمو أعلى بكثير. فالمصادر الخارجية للمخاطر، مثل أسعار المواد الغذائية والطاقة، تعني أن الآفاق الاقتصادية العامة لا تزال قاتمة.”
ويقوم تقرير المراقبة الاقتصادية الفلسطينية الذي يقدمه البنك الدولي إلى لجنة الارتباط الخاصة، بتسليط الضوء على التحديات التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني، مع التركيز على الإصلاحات المالية العامة. وسيتم تقديم التقرير في بروكسل يومي 3 و 4 أيار، خلال اجتماع على مستوى السياسات، بشأن المساعدات الإنمائية للشعب الفلسطيني.
وشهد عام 2022 تحسُّناً في موازين المالية العامة، مدفوعا بزيادة حصيلة الضرائب المحلية بنسبة 19%، وارتفاع إيرادات المقاصة بنسبة 20%، بالإضافة إلى استقرار مستوى الإنفاق العام. ونتيجة لذلك، فقد انخفض العجز الكلي للموازنة العامة بأكثر من 60% (قبل حساب المنح).
ويشير التقرير إلى أنه عند أخذ مساهمات الدول والجهات المانحة، وانخفاض الاستقطاعات التي تجريها الحكومة الإسرائيلية في إيرادات المقاصة، بعين الاعتبار، فإن ذلك يوضح تحسن وضع الفجوة التمويلية للسلطة الفلسطينية، مقارنة بالتوقعات الأولية، حيث بلغت بنهاية العام 351 مليون دولار، وهو ما يعادل 1.8% من إجمالي الناتج المحلي، في انخفاض ملحوظ بعدما كانت 5.7% في عام 2021.
ويقول البنك الدولي: في حين تواصل السلطة الفلسطينية مساعيها لسد عجز المالية العامة، فإنها تواجه مخاطر على الاقتصاد الكلي، على المدى الطويل، منها الرصيد الكبير والمتزايد من المتأخرات المستحقة للقطاع الخاص وصندوق المعاشات التقاعدية. بالاضافة إلى استمرار ارتفاع مستوى إقراض القطاع المصرفي للقطاع العام ، وهو ما يتطلب متابعة مستمرة من جانب السلطات.
وأضاف إمبلاد قائلا: “يجب على السلطة الفلسطينية الاستمرار في النهوض بالإصلاحات ذات الأولوية، من أجل زيادة الإيرادات، وتحسين إدارة الدين، وتعزيز استدامة المالية العامة. لكن السلطة الفلسطينية لا يمكنها أن تفعل ذلك بمفردها، حيث تعد مساندة المانحين، بالاضافة إلى تعاون الحكومة الإسرائيلية، من الأمور الحيوية من أجل ضبط أوضاع المالية العامة، ووضع الاقتصاد على أساس أكثر صلابة.”
وتابع: يجب أن تتواصل جهود الإصلاح في معالجة حجم فاتورة الأجور، وتحسين إدارة نظام معاشات التقاعد السخي بالقطاع العام، فضلاً عن رفع كفاءة الإنفاق العام، لاسيما من خلال تحسين توجيه التحويلات إلى الفئات الأشد فقراً والأكثر احتياجاً. وسيكون من الأمور بالغة الأهمية في المستقبل، القيام بتسريع وتيرة جهود تحسين إدارة الإحالات الطبية خارج نظام الصحة العامة، وكذلك خفض صافي الإقراض. ويشيد التقرير بالخطوات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية، باعتماد هدف تقليص عدد الموظفين العموميين، وإنجاز ما تراكم من التقارير المالية السنوية المتأخرة. فيما يعد المستوى المستهدف من أعداد الموظفين، خطوة أولى مهمة، إلا أن التقرير يُقِر بأن هذه المكاسب قد تتبدَّد، إذ إن المفاوضات الجارية مع نقابات العمال، لاسيما في القطاع التعليمي قد تفضي إلى ضغوط إضافية على اعتمادات الموازنة العامة.
وحسب البنك الدولي، سيكون الحصول على دعم كاف، يمكن التنبؤ به، من المانحين إلى الموازنة، أمراً بالغ الأهمية، في تسهيل عملية الإصلاح، وتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي. علاوةً على ذلك، يُمكِن توجيه مساهمات المانحين المالية إلى المشروعات الإنمائية، التي تُعزِّز النمو الاقتصادي، والإجراءات التي تهدف إلى تحسين الإدارة المالية العامة، والتدابير المشتركة المتعلقة بالحوكمة.
يشار إلى أن هناك عقبات شديدة على طريق الاستقرار والنمو وتنمية القطاع الخاص في الأراضي الفلسطينية، كاستمرار القيود المفروضة في الضفة الغربية، والحصار شبه المفروض على قطاع غزة، وهو ما أشارت إليه تقارير سابقة للبنك الدولي، وإذا لم يتم إزالة أو تخفيف تلك القيود، فمن المتوقع أن يظل أداء الاقتصاد الفلسطيني أقل بكثير من إمكاناته.