
تقرير: نتنياهو تحت الضغط.. زيارة ترامب المرتقبة إلى غزة تربك تل أبيب
كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته إجراء زيارة إلى قطاع غزة، في الوقت الذي يتصاعد الغضب في أروقة البيت الأبيض من مواقف نتنياهو المتصلبة ومراوغاته السياسية التي اعتبرتها واشنطن “إهانة”.
وقال في مقابلة مع مجلة “تايمز” الأمريكية حول تطورات الشرق الأوسط: “سأفعل. أجل، سأفعل. كما تعلمون، لدينا مجلس السلام، وهو مُشكّل. طلبوا مني أن أكون رئيسًا للمجلس”.
وأضاف: “لم أكن أرغب في ذلك، صدقوني، لكن مجلس السلام سيكون مجموعة قوية جدًا، وسيكون له نفوذ كبير في الشرق الأوسط الذي تم توحيده الآن ولم يسبق أن حدث ذلك سابقاً”.
وتابع: “باستثناء حركة حماس، وهي حركة هامشية، لكن نظريًا، تم توحيدها أيضًا، ووقعت على الوثيقة ووافقوا على كل هذه الأمور، الآن يمكنهم معارضتها. لا بأس، وعندها لن يمانع أحد إذا تدخلنا وحاسبناهم”.
وحول مسألة تسليم جثث الأسرى الإسرائيليين المتبقية لدى الحركة قال ترامب: “الرهائن باتوا يلعبون دورًا سلبيًا، واعتبرتهم حركة حماس خلال الشهرين الماضيين عبئاً. بعبارة أخرى، كانوا في الواقع يؤذون حركة حماس وإيران”.
ومن المتوقع أن تشكل الزيارة المرتقبة إرباكا لتل أبيب، إذ تأتي على وقع تصاعد الغضب الأمريكي من سياسات نتنياهو واليمين المتطرف الإسرائيلي، لا سيما ما يتعلق بخطة ضم الضفة الغربية.
“حبل رفيع”
ترى الإدارة الأمريكية، التي زار ممثلوها إسرائيل مؤخراً، أن حليفها الأبرز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بات “يسير على حبل رفيع للغاية” في علاقته مع الرئيس الأمريكي، بحسب مسؤول أمريكي كبير.
وتسبب نهج نتنياهو، بحسب المسؤول الأمريكي، في إشعال غضب الإدارة الأمريكية لدرجة توجيه تهديدات صارمة بعقوبات وقرارات تصعيدية من جانب الرئيس ترامب إذا أقدم نتنياهو على إنهاء اتفاق غزة.
القناة 12 العبرية، نقلت عن المسؤول قوله إن الاستياء الأمريكي يتزايد من سلوك نتنياهو وفشله عن ضبط الأوضاع الداخلية لدرجة جعلت نائب الرئيس الأمريكي فانس يصف إسرائيل بأنها “لا تدار بشكل سليم”.
جاء ذلك على خلفية تصريحات وزير المالية المتطرف ونتنياهو نفسه بشأن ضم الضفة الغربية، ومواقف أخرى مشابهة اعتبرها نائب الرئيس “مناورة غبية” وشدد على أنه تعرض للإحراج خلال زيارته إسرائيل.
ترامب في مقابلة أجراها مع مجلة “تايمز” الأمريكية كرر عبارة “لن يحدث” 3 مرات متتالية، حيث سئل عن ضم الضفة الغربية، وقال: “لن يحدث. لن يحدث. لن يحدث لأنني وعدتُ الدول العربية بذلك”.
وأضاف أنه أبلغ نتنياهو: “لا يمكنكم فعل ذلك الآن، لقد حظينا بدعم عربي كبير، لن يحدث لأنني وعدتُ الدول العربية، لن يحدث. ستفقد إسرائيل كل دعم الولايات المتحدة إذا حدث ذلك”، على حد تعبيره.
“استفزاز المعارضة”
من جهتها، قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن “الولايات المتحدة هي الحليف الأهم لإسرائيل، وقد أثارت التصويتات التمهيدية الرمزية حفيظة إدارة ترامب، التي بذلت جهودًا حثيثة لإبقاء شركائها العرب ملتزمين باتفاق غزة”.
وأعرب نائب الرئيس جيه دي فانس، الذي كان يختتم زيارةً لإسرائيل استمرت يومين يوم الخميس، عن غضبه من تصويت “الكنيست” على الضم، وقال إن أحدهم أخبره أن هذه مجرد حيلة سياسية رمزية لا قيمة عملية لها.
وقال في تصريح له: “إذا كانت هذه حيلة سياسية، فهي حيلة سياسية غبية للغاية، وأنا شخصيًا أعتبرها إهانة”. وأضاف: “لن تضم إسرائيل الضفة الغربية، سياسة إدارة ترامب هي عدم ضم الضفة الغربية لإسرائيل”.
وكان “الكنيست” الإسرائيلي قد أجرى تصويتات على ضم الضفة الغربية، في نفس يوم وصول فانس إلى إسرائيل، ما دفع نتنياهو إلى محاولة النأي بنفسه يوم الخميس عن التصويتات التي أغضبت الإدارة الأمريكية.
وقال في بيان صدر باللغة الإنجليزية: “إن تصويت الكنيست على الضم كان استفزازًا سياسيًا متعمدًا من قبل المعارضة لإثارة الفتنة خلال زيارة نائب الرئيس جيه دي فانس لإسرائيل”.
كانت الاقتراحات، التي قدمها يوم الأربعاء اثنان من أعضاء المعارضة البرلمانية اليمينيين، رمزية إلى حد كبير وستحتاج إلى عدة تصويتات أخرى وعمل كبير من جانب اللجان لإقرارها كقانون.
لكن الحديث عن الضم اكتسب إلحاحًا متزايدًا في إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة، منذ أن اتخذت دول، من بينها بعض حلفاء إسرائيل المقربين تقليديًا، خطوة الاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية.
المصير الفلسطيني
جاءت هذه المناورات السياسية في وقت حساس، وسط سلسلة زيارات لمسؤولين أمريكيين إلى إسرائيل، بهدف دعم وقف إطلاق النار الهش في غزة، والذي دخل حيز التنفيذ قبل أسبوعين فقط بعد عامين من الحرب.
بدوره، صرح وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي كان على وشك ركوب الطائرة إلى إسرائيل بعد تصويت “الكنيست”، للصحفيين بأن الضم ليس أمرًا “تدعمه الإدارة حاليًا”، محذراً من أن “مثل هذه الخطوات قد تُعرّض اتفاق وقف إطلاق النار في غزة للخطر”.
وتقول “نيويورك تايمز” إن خطة ترامب لإنهاء حرب غزة تتضمن هدفًا يتمثل في مسار نهائي وموثوق يُفضي إلى تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة، ويعارض نتنياهو قيام دولة فلسطينية، لكنه عارض بشدة تصويت “الكنيست” الذي فرض ضغوطًا أمريكية.
وقال نتنياهو إنه من دون دعم حزبه المحافظ، الليكود، “من غير المرجح أن تُطرح هذه القوانين”، علماً أن “أغلب دول العالم ترى أن المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية تشكل انتهاكاً للقانون الدولي”، كما تقول الصحيفة.
وبحسب الصحيفة، “يقود نتنياهو الائتلاف الأكثر يمينيةً ومحافظةً دينيًا في تاريخ إسرائيل، وتسعى عناصر أساسية فيه إلى ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، وقد صوّت أعضاء الأحزاب القومية المتطرفة التي تُشكل الائتلاف، بمن فيهم عدد من الوزراء الذين يعتمد نتنياهو على دعمهم، لصالح مشاريع قوانين الضم يوم الأربعاء.
ولدى أعضاء المعارضة المتشددين الذين قدموا مشاريع القوانين اعتراضاتهم الخاصة على السيد نتنياهو. واستغل أعضاء آخرون من الوسط في المعارضة تصويت يوم الأربعاء لإحراج رئيس الوزراء وكشف الانقسامات في ائتلافه.







