طارق..تحدى قيود المحتل وتسلح بالنجاح
قصة صحفية: آداب اعمير-طالبة إعلام فس جامعة فلسطين التقنية "خضوري"
يعيش حلما كالأفق بعيدا ويدفع الأيام ليتنفس، التحق طارق اعمير من بلدة بلعا شرق طولكرم في جامعة بيرزيت عام 1983م، وبعد سنتين من دراسته بها، لأنها كانت تتعرض للإغلاق المتكرر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، سافر إلى الأردن ليلتحق بجامعة اليرموك عام 1985م، حلّت إضرابات ومظاهرات عدة فعاد على إثرها لفلسطين.
لم يعد يرى ولادة الشمس، سُجن ستة أشهر من قوات الاحتلال الاسرائيلي وحرم من السفر لإكمال تعليمه.
قرر طارق العودة إلى جامعات الوطن مرة أخرى لاستكمال تعليمه الذي كان يهرب منه من أول مطب يصادفه، ولكن عاد الأمر مرة مجددا، وأغلقت جامعات فلسطين مع الانتفاضة الأولى.
انخرط طارق في النضال والعمل الوطني، وأصبح مطاردا فاتخذ من أشجار الزيتون ملجأً له، وكان الليل الطويل هو الساتر لتنقله من بلدة لأخرى كي تتلاشى الرصاصات الغدارة والقيود المنتظرة.
تزوج في فترة الانتفاضة تحت ضغط وإلحاح الأهل عندما وجدوه منخرطاً في العمل الوطني، وكانت فرص العمل في تلك الفترة غير متوفرة ونادرة فامتلك مشروعا خاصا وهو مشروع الدجاج البياض الذي اعتمد عليه في تلك الفترة.
غير أن البيت الذي كان يسكن فيه تعرض للاعتداءات من الاحتلال كقنابل الغاز وتكسير للأبواب فما كان على صاحبة البيت إلا وأن طلبت منه وزوجته الخروج منه بأسرع وقت.
ذات يوم، خرج طارق متجها إلى وسط البلدة لشراء بعض الأغراض والحلاقة، وإذ بجنود الاحتلال بسيارات مدنية يلقون القبض عليه ويهتفون بالنصر لاعتقاله، فخرج أبناء بلدته جميعهم الكبار قبل الشباب لمساعدته وصد الجنود عنه.
بعض كبار السن كسروا الحجارة الكبيرة لمساعدة الشباب الذين ألقوها على الجنود، واستشهدت الشابة سونا الواوي والتي بدمائها غسلت بلدة بلعا، فيما تلقت زوجته نبأ اعتقاله فتعرضت للولادة السريعة ودخلت غرفة العمليات وأنجبت قبل الأوان.
وبعد ساعات قليلة فارق الطفل الرضيع حديث الولادة الحياة، وفي اليوم المشؤوم نفسه اعتقل ثلاثة من أبناء البلدة، وأصيب ثلاثة، واستشهدت سونا.
مع انتهاء الانتفاضة التي كانت كثمرة لها دخول السلطة الوطنية الفلسطينية، وخروج طارق من السجن، انتقل للعمل في القطاع العام الحكومي وتوظف في الاول من يوليو لعام 1996م، ولم يكن حاملاً للشهادة الجامعية، فتوجه للدراسة في جامعة القدس المفتوحة.
كانت جامعة القدس المفتوحة له خشبة النجاة وقارب الانقاذ، فالتحق ببرنامج العلوم الادارية وتخرجت بدرجة امتياز، ليكون دافعا له لإكمال الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة النجاح الوطنية ويتخرج منها بالمرتبة الأولى.
شهاداته، ومعرفته العلمية التي تسلح بها أعطته فرصة لأن يمتلك من المؤهلات ما يسمح له بالترقية الوظيفية، فكلّف مديراً للحكم المحلي في في طولكرم ثم قلقيلية وطوباس ورام الله، وحاليا يشغل منصب مدير عام في مديرية الحكم المحلي في رام الله والبيرة.