
كفر اللبد “تصارع” تحت وطأة إخطارات وقف البناء وسياسة الاحتلال
رماح عمر- على أطراف جنوب قرية كفر اللبد، يقف عادل حجاز أمام منزله متأمّلًا الحجارة التي توقفت عند الطابق الأول منذ أشهر. “تلقينا الإخطار في أبريل الماضي، لصقوه على باب المنزل وقالوا لي: اقرأه، هذا أمر بوقف البناء، اتبع التعليمات”. ثم تابع عادل بنبرة استسلام ويأس ليروي كيف بدأ مشوارًا طويلًا بين بلدية كفر اللبد ومركز القدس للمساعدات القانونية ومحكمة سالم الإسرائيلية، محملًا بالوثائق والصور، وممنوعًا من وضع “مسماراً واحدًا في بيته” -كما قالها موظف الإدارة المدنية الإسرائيلية حين سلّموه الإخطار- الذي كان يخطط لاستكماله من أجل أولاده المقبلين على الزواج.
الإخطارات تحاصر أطراف القرية
يؤكد أمين برهوش، عضو مجلس بلدية كفر اللبد، أن ظاهرة إخطارات وقف البناء جديدة على القرية، إذ وصل منذ بداية العام ثلاث إخطارات لمبانٍ تقع في أطراف البلدة الجنوبية ومنطقة “الحفاصي” المصنفة “C”. ويضيف: “هناك حديث غير رسمي عن نوايا الاحتلال لتوسيع هذه الإخطارات لتشمل مبانٍ أخرى”.
برهوش أوضح أن أي مواطن يتلقى إخطارًا يتوجه إلى البلدية، التي تتواصل بدورها مع الارتباط والحكم المحلي لتحديد المناطق وأصحاب الإخطارات، ثم توجيههم للمؤسسات الحقوقية، وعلى رأسها مركز القدس للمساعدات القانونية في نابلس. “دورنا هو تعزيز صمود هذه المناطق بالخدمات من كهرباء ومياه وطرق، حتى لو كانت تراخيص البناء خارج صلاحياتنا، لأن هذه أرضنا”، يقول برهوش، مضيفًا أن الإخطارات حتى الآن “قيد الإجراءات”، مع توقف البناء دون تنفيذ عمليات هدم.
المعاناة بين البيوت والمزارع
من جانبه، يرى الدكتور عاهد زنابيط، مدير الإغاثة الزراعية في طولكرم، أنّ لهذه الإخطارات آثارًا عميقة على حياة السكان، ليس فقط من الناحية العمرانية بل أيضًا الزراعية والمعيشية. “الاحتلال يسعى لطرد الناس من مزارعهم، مما يجعل الأرض خالية من الزراعة ويسهل السيطرة عليها”، يوضح زنابيط. ويشير إلى أن الأمر يتعدى مناطق C ليشمل حتى مناطق B التي تتعرض بدورها لمضايقات، مما يفاقم من الضغط النفسي على الأهالي، خاصة النساء والأطفال.
والإغاثة الزراعية، بحسب زنابيط، تتعامل مع هذه القضايا عبر دعم المزارعين للبقاء في أراضيهم، وتوفير بعض المدخلات الزراعية، ورفع القضايا والاعتراضات على مصادرة الأراضي إلى الجهات المختصة. لكنه يرى أن المواجهة تحتاج إلى تحرك على مستويات أوسع، قائلًا: يجب أن يكون هناك تحرك حكومي ودولي لوقف هذه الهمجية، وفضح سياسة الاحتلال في الاستيطان، خصوصًا مع وجود دعوات في الكنيست لضمّ الضفة الغربية.
ملامح الغدّ المجهولة
مع استمرار هذه السياسة، يتراجع البناء في الأطراف ويتركز في وسط البلدة، ما يضيق المساحة المتاحة ويعيق التطور العمراني. بلدية كفر اللبد نفذت في السابق مشاريع طرق وبنية تحتية وشبكات مياه في مناطق مهددة، لكن الاحتلال، وفق برهوش، لا يتردد في حجز المعدات والآلات لإيقاف العمل.
في النهاية، تبقى منازل مثل منزل عادل حجاز شاهدة على معركة صامتة يخوضها الأهالي للحفاظ على أرضهم وحقهم في السكن، بينما يظل السؤال معلقًا: هل تصمد كفر اللبد أمام هذه الإخطارات، أم تفرض سياسة التضييق واقعًا جديدًا على القرية؟

يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.