مصلحة وسلطة المياه تحذران من تبعات هجمات المستوطنين على “عين سامية”
أدانت مصلحة مياه محافظة القدس، الاعتداءات المتواصلة والمتصاعدة من قبل مجموعات المستوطنين على منشآتها في منطقة عين سامية، شرق بلدة كفر مالك، شمال شرق رام الله.
وأقدم مستوطنون الليلة قبل الماضية، على اقتحام آبار ومحطات المياه في عين سامية، وتحطيم أجهزة المراقبة، وقطع خطوط الاتصال والإنترنت، وسرقة كاميرات المراقبة، ما أدى إلى فقدان السيطرة على المحطات وانقطاع القدرة على مراقبتها وتشغيلها عن بعد.
وفي مؤتمر صحفي، عقد اليوم الثلاثاء في رام الله، قال رئيس مجلس إدارة مصلحة مياه القدس عيسى قسيس، في الآونة الأخيرة أصبحت هجمات المستوطنين على منطقة الآبار الواقعة في بلدة كفر مالك، تتخذ شكلاً ممنهجاً، وبعلم جيش الاحتلال وحمايته، الأمر يهدد عددا كبيرا من التجمعات السكانية الفلسطينية، وعشرات الآلاف من المواطنين، في الحصول على أبسط الحقوق وهو المياه.
وأوضح قسيس أن مصلحة المياه، وفي إطار فضح اعتداءات المستوطنين على مستوى العالم، صدرت بياناً للعديد من الأطراف الدولية بطبيعة الانتهاك الأخير وخطورته وما يفرضه من تحديات، سعياً للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لمنع عرقلة توفير أبسط الحقوق المتمثل في المياه، لمستحقيها.
وشدد على أن مصلحة المياه، ترفض سياسات الاحتلال الممنهجة ومحاولات تثبيت الوقائع على الأرض بفرض السيطرة على آبار عين سامية عبر السماح للمستوطنين بالتعدي عليها بطرق سافرة، وجعل الفلسطينيين طرفاً ثالثاً في معادلة التزود بالمياه.
وأشار كذلك إلى رفض مبررات شرطة الاحتلال، التي ادعت في شكوى قدمت بشأن اعتداء سابق وقع قبل نحو 3 أسابيع، بأن محطات الضخ التابعة لمصلحة المياه في منطقة عين سامية بكفر مالك، تتواجد في منطقة يتواجد فيها المستوطنون.
وفي 27 حزيران/ يونيو الماضي، أقدم مستوطنون على تحطيم اللافتة الرسمية عند مدخل المحطة الرئيسية في عين سامية، واقتحام المنشأة بعد خلع السياج المحيط بها، إلى جانب كسر خط المياه الرئيسي المغذي لبئر رقم 6، الذي يعتبر أحد الأعمدة الرئيسية في نظام التوزيع الماني في المنطقة.
وقال عيسى قسيس: “هذا ليس عذراً ولا سبباً يمكن القبول به، ولن نتخلى عن حقنا في سحب المياه من منطقة امتيازنا، وحق شعبنا في المياه، والحق الفلسطيني في الأرض”.
وأضاف أن هناك حاجة لتكاتف الجهود من كافة الأطراف، والعمل على مستوى عال جدا لفضح المحتل، الذي يستخدم أساليب في الضفة الغربية لا تقل خطورة عن حرب الإبادة التي يقترفها في قطاع غزة.
وأكد أن حرمان مواطني مناطق واسعة من المياه، أو تهديدهم بذلك، هدفه دفع السكان نحو الهجرة، وهو أمر مرفوض بالمطلق.
وتطرق رئيس مجلس إدارة مصلحة مياه محافظة القدس، إلى أهمية تبيان الأهداف الحقيقية لاعتداءات المستوطنين الممنهجة والمحمية من قبل جيش الاحتلال، للمجتمع الدولي، رغم أن ردات الفعل الإسرائيلية المتوقعة ستكون أقوى وأكثر حدة.
وذكر أن اقتحام المستوطنين الأخير لمنطقة آبار عين سامية الليلة قبل الماضية، وقيامهم بجملة اعتداءات هناك، تشير إلى ضغوط مورست على الإسرائيليين من أطراف دولية بعد الانتهاك الذي شهدته ذات المنطقة قبل أسبوعين.
وبين ضرورة التحرك على صعيد الهيئات والمنظمات الدولية لفضح اعتداءات الاحتلال الممنهجة على الأراضي الفلسطينية، لا سيما في الضفة الغربية، والتي يُستخدم فيها المستوطنون كسلاح ناعم.
بدوره، أكد مدير عام التخطيط في سلطة المياه عادل ياسين، خطورة استهداف آبار عين سامية، التي تمثل الشريان الرئيسي لتغذية المنطقة بالمياه.
وقال إن وجود المياه هو سبب للبقاء، بالتالي فإن استهداف مصادرها هو وسيلة للتهجير بطريقة ممنهجة تقودها الحكومة الإسرائيلية وينفذها المستوطنون.
وأشار إلى أن إسرائيل وفي اليوم الأول لاحتلالها للأراضي الفلسطينية عام 1967، أصدرت 4 قرارات عسكرية، نص الثاني منها على الاستيلاء على كافة مصادر المياه وإلحاقها بدولة الاحتلال.
وتأكيداً على استهداف حق الفلسطيني في الحصول على المياه، ذكّر ياسين بأن الاحتلال وفي اليوم الأول لعدوانه على غزة عمد إلى قطع كافة إمدادات المياه من الجانب الإسرائيلي على القطاع بأكمله.
وبين أن المياه هو سلاح فعال يستخدمه الاحتلال بأدوات مختلفة، وأن الأمر يستدعي الوقوف بشكل موحد محليا ودوليا من أجل فضح ممارسات الاحتلال لأن السكوت على ذلك ربما سيكون مقدمة لأمور أكثر.
وأضاف: “اليوم اعتداء، وغدا تعطيل بئر وتسميم أخرى، وبعدها مصادرة كافة المناطق، ومن ينظر استراتيجيا لمواقع آبار عين سامية يعرف الهدف الحقيقي من استهدافها وهو السيطرة على كافة المنطقة، فهي تقع بين رام الله وغور الأردن”.
وتطرق مدير عام التخطيط في سلطة المياه إلى أن آبار عين سامية كانت المصدر الرئيسي لمياه الشرب لمنطقة محافظتي القدس ورام الله والبيرة، إلا أنها اليوم تغطي أقل من 20% من احتياجات المنطقة، وذلك لانخفاض منسوب المياه الجوفية بفعل الضخ الجائر الذي يقوم به الإسرائيليون من آبار مجاورة.
ويُقدّر عمر عين سامية بأكثر من 7000 عام، مما يجعلها معاصرة لمدينة أريحا التاريخية، وهي تقع على السهول الشرقية لقرية كفر مالك شمال شرق رام الله، وتضم آثارًا تعود إلى العصور البرونزية والكنعانية والرومانية والإسلامية.
وتُعد عين سامية من أهم مصادر المياه الجوفية في منطقة شمال شرق رام اللّٰه، وتحتوي 5 آبار مياه عاملة، تتراوح أعماقها بين 100 و500 متر.
وتقدر الطاقة الإنتاجية الإجمالية لآبار عين سامية بنحو 12,000 متر مكعب يوميًا، وهي تمثل ما نسبته 17% من الكميات اليومية الموردة من مصلحة مياه محافظة القدس.
وتغذي آبار عين سامية 19 تجمعًا سكانيًا بشكل مباشر، وهي: دير دبوان، وبرقة، وبيتين، وعين ويبرود، وكفر مالك، والطيبة، ورمون، ودير جرير، وسلواد، والمزرعة الشرقية، وأبو فلاح، والمغير، وترمسعيا، وسنجل، وجلجليا، وعبوين، وعارورة، ومزارع النوباني.
كما تزود عين سامية أيضًا 14 تجمعًا بشكل مشترك من خلال محطة رام الله، وهي: دورا القرع، ومخيم الجلزون، وجفنا، وعين سينيا، وبيرزيت، وجامعة بيرزيت، وأبو قش، وعطارة، ودير السودان، وعجول، وجيبيا، وبرهام، وكوبر، وأبو شخيدم، والمزرعة القبلية.
ويصل إجمالي المستفيدين من مياه آبار عين سامية بشكل كامل وجزئي، ما يقارب 110,000 مواطن.