
مسؤولون أميركيون وإسرائيليون يطرحون فكرة “صفقة الكل أو لا شيء” بشأن غزة
أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن الحكومة الإسرائيلية، ركزت على مدى أشهر، على التفاوض على اتفاق من مرحلتين لوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا في غزة وإطلاق سراح بعض الرهائن، تاركةً مناقشات إنهاء الحرب بشكل دائم لمرحلة لاحقة.
ولكن مع وصول المحادثات إلى طريق مسدود، يبدو أن المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين يغيرون لهجتهم بشكل حاد، مشيرين إلى أنهم سيدفعون باتجاه اتفاق شامل. لكن لا تزال كل من إسرائيل وحركة حماس متباعدتين، ويقول محللون إن هذا النهج الجديد سيواجه أيضًا تحديات كبيرة.
ويأتي هذا التحول، على الأقل في الخطاب، في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا داخلية متزايدة لتأمين إطلاق سراح الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في غزة. وتعتقد إسرائيل أن حوالي 20 منهم ما زالوا على قيد الحياة وأن جثث 30 آخرين لا تزال في القطاع. وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت السبت لأسيرين على قيد الحياة يبدوان نحيلين وضعيفين، مما صدم العديد من الإسرائيليين وأثار الخوف بين عائلات الرهائن. وتعرضت الحكومة الإسرائيلية أيضًا لانتقادات دولية متزايدة بسبب التجويع الجماعي للمواطنين في غزة البالغ عددهم حوالي مليوني نسمة، بعد أن فرضت إسرائيل قيودًا صارمة في الأشهر الأخيرة على دخول المساعدات.
وقد واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي شن غارات عسكرية على غزة، حتى مع تسهيلها دخول المزيد من المساعدات إلى غزة في الأيام الأخيرة. وصرحت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني يوم الأحد أن المدفعية الإسرائيلية قصفت مكاتبها في خان يونس، مما أسفر عن مقتل أحد موظفيها وإصابة آخرين.
وكان ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لإدارة ترامب إلى الشرق الأوسط، والذي يزور المنطقة حاليًا، قد التقى بعائلات المحتجزين الإسرائيليين يوم السبت، وأخبرهم أن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يريد الآن إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء دفعة واحدة.
وقال ويتكوف، وفقًا لتسجيل صوتي لجزء من الاجتماع نشره موقع Ynet العبري الإخباري: “لا صفقات جزئية، هذا لن ينجح”.
وأضاف: “نعتقد الآن أنه يتعين علينا تحويل هذه المفاوضات إلى “الكل أو لا شيء” – عودة الجميع إلى ديارهم”. وأضاف دون الخوض في التفاصيل: “لدينا خطة بهذا الشأن”.
ولا تتفاوض إسرائيل مع حركة حماس بشكل مباشر. بل تجري مفاوضات وقف إطلاق النار بين الجانبين عبر وسطاء: الولايات المتحدة وقطر ومصر.
وتردد في واشنطن إن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي ترمب، يعملان على اقتراح جديد يتضمن تقديم إنذار نهائي لحماس، وفقًا لتقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية يوم الأحد. ولم يعلق البيت الأبيض على هذه الشائعات بعد.
وبموجب شروط الإنذار، سيتعين على حماس إطلاق سراح الرهائن المتبقين مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين والموافقة على شروط لإنهاء الحرب تتضمن نزع سلاح الحركة، وإلا، سيواصل الجيش الإسرائيلي حربه.
وصرح محمود مرداوي، المسؤول في حماس، بأن الحركة لم تتلق بعد اقتراحًا إسرائيليًا رسميًا لصفقة شاملة من الوسطاء العرب. وأضاف أن حماس تدعم مثل هذا الاتفاق من حيث المبدأ، لكنها لن تنزع سلاحها، وهو ما تحاول إسرائيل والولايات المتحدة تحقيقه عبر سياسة الإبادة الجماعية والتجويع للشعب الفلسطيني في غزة.
وقال مرداوي في مقابلة هاتفية مع صحيفة نيويورك تايمز: “كان هذا مطلبنا منذ البداية: إنهاء الحرب، والإفراج عن الأسرى، وترتيبات اليوم التالي في قطاع غزة – صفقة واضحة وشاملة”.
وتبدو احتمالات أي تقدم سريع نحو مثل هذه الصفقة ضئيلة.
ورفضت حماس باستمرار شروط إسرائيل بإلقاء سلاحها لإنهاء الحرب طوال المفاوضات. ويوم السبت، قالت الحركة في بيان إنها لن تنزع سلاحها ما لم تُقام دولة فلسطينية، على الرغم من دعوة الدول العربية لها الأسبوع الماضي للقيام بذلك.
وتعارض الحكومة الإسرائيلية اليمينية قيام دولة فلسطينية. وأقتحم إيتامار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المسجد الأقصى، صباح يوم الأحد، وسط حراسة أمنية مشددة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، في ذكرى ما يسمى “خراب الهيكل”. وذكرت مصادر في دائرة الأوقاف الإسلامية أن 1251 مستوطنا اقتحموا الأقصى في ساعات الصباح الأولى، في وقت أغلقت فيه شرطة الاحتلال أبواب المسجد أمام المصلين لتأمين اقتحامات المستوطنين.
ورصدت الكاميرات أداء ما يُعرف بـ”صلاة بركة الكهنة” من قبل مجموعات من المستوطنين داخل الأقصى، في تجاوز واضح للمنطقة الشرقية التي كانت تقتصر عليها هذه الطقوس سابقا، حيث امتد أداؤها إلى مواقع عدة داخل المسجد.
وندد القادة العرب بصعود بن غفير إلى الموقع – الذي صلى فيه علانية – و وصفوه بأنه استفزاز. وقال بن غفير من الموقع، في مقطع فيديو نشره مكتبه: “من المهم أن نؤكد من هذا المكان ضرورة غزو غزة فورًا، وممارسة سيادتنا عليها، والقضاء على كل عضو من أعضاء حماس”.
ويقول العديد من الإسرائيليين إنهم يؤيدون اتفاقًا شاملًا لإعادة جميع الرهائن وإنهاء الحرب. لكن الكثيرين يشككون في إمكانية تحقيق مثل هذا الاتفاق في ظل الشروط التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية المتشددة، التي تعهدت بمواصلة القتال حتى استسلام حماس أو تدميرها.
وادعى نتنياهو الأحد بأن حماس “لا تريد اتفاقًا” وتعهد بمواصلة السعي “لإطلاق سراح أبنائنا الأسرى، والقضاء على حماس، وضمان ألا تشكل غزة تهديدًا لإسرائيل”.
وقال مرداوي، المسؤول في حماس، في مقابلته مع “نيويورك تايمز” إن حماس لا ترى مبررًا كافيًا للتفاوض مع إسرائيل بالنظر إلى الوضع الإنساني المتردي في غزة. وتساءل: “ما جدوى المحادثات والناس يموتون جوعًا؟”.
وتفاقمت أزمة التجويع بعد أن فرضت سلطات الاحتلال قيودًا صارمة على دخول المساعدات إلى القطاع. واتهمت إسرائيل وكالات الإغاثة بسوء إدارة الإمدادات، واتهمت حماس بتحويل مسار المساعدات. لكن مسؤولين عسكريين إسرائيليين قالوا إن الجيش لم يعثر قط على دليل على أن حماس سرقت بشكل ممنهج مساعدات من الأمم المتحدة، أكبر مورد للمساعدات الطارئة إلى غزة خلال معظم فترة الحرب.
وقُتلت إسرائيل أكثر من 60 ألف فلسطيني في غزة منذ بدء الحرب، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، لكن الخبراء في مجال قتلى الحروب، مثل منظمة “لانست” في لندن، يعتقدون أن عدد القتلى هو ضعف هذا العدد على الأقل وفق تحليلاتها.