خبير: حكومة نتنياهو لا تريد صفقة مع حماس خشية الانهيار
استبعد مدير مركز القدس للدراسات التابع لجامعة القدس أحمد رفيق عوض، قبول الحكومة الإسرائيلية بأي صفقة أو تسوية مع حركة حماس في قطاع غزة لخشيتها من انهيار التيار الحاكم، وقال إن “دولة الاحتلال ماضية في خيار القوة واحتلال القطاع”.
وأشار الخبير السياسي الفلسطيني في حوار مع الأناضول عبر تطبيق “زوم”، إلى أن السلوك الإسرائيلي “يكشف الأهداف الحقيقية للحرب والمتمثلة بطرد الفلسطينيين من أرضهم وإقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى”.
وفي 12 أغسطس/ آب الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع قناة “i24” العبرية، إنه “مرتبط بشدة برؤية إسرائيل الكبرى”، وتشمل هذه الرؤية، وفق المزاعم الإسرائيلية، الأراضي الفلسطينية المحتلة وأجزاء من دول عربية، من الفرات إلى النيل، ما أثار موجة استنكار واسعة النطاق.
وبين عوض أن إسرائيل “ماضية في هذا السلوك بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تمارس أي ضغوط عليها لوقف الحرب”.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 63 ألفا و459 قتيلا، و160 ألفا و256 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 339 فلسطينيا بينهم 124 طفلا.
قال عوض إن إسرائيل “ليست بوارد قبول صفقة جزئية ما لم يكن هناك ضغط أمريكي عليها، لأن أي طرف، بما في ذلك الضغوط الداخلية، لم يستطع حتى اللحظة الضغط عليها للقبول بتسوية جزئية، أو حتى شاملة”.
وأضاف: “إسرائيل لا تريد أن تدخل في تسوية مع حركة حماس، لأن أي اتفاق معها هو انهيار وسقوط للتيار الحاكم فيها”.
وتابع عوض: “إسرائيل تعتقد أن خيار القوة لم يستنفد بعد في غزة، ولا تريد أن تذهب إلى تسوية، بل تريد أن تحتل القطاع، وهذا الاحتلال يكشف الأسباب الحقيقية لهذه الحرب”.
ويرى عوض أن إسرائيل “تريد ان تستعيد كل ما خسرته بعد 7 أكتوبر 2023، تريد أن تخلق ما يسمى إسرائيل الكبرى، وتريد أن تطرد الفلسطينيين من قطاع غزة، وتسقط حل الدولتين، والفصل بين غزة والضفة، وتأتي بممثلين عشائريين أو محليين مما يعني العودة عن فكرة دولة فلسطينية أو فكرة التسوية برمتها”.
وقال إن “مسألة احتلال غزة المحتل بالأصل، فيها تضليل وتكشف الأسباب الحقيقية للحرب، هذه الحرب ليست فقط للقضاء على حركة حماس والمقاومة، بل هي حرب على الكل الفلسطيني ومستقبله وتمثيله”.
ولذلك “على مدار عامين لم تدخل إسرائيل في تسوية حقيقة على الإطلاق وكانت ترسل الوفود باستخفاف شديد وضربت فكرة الوساطة وحاولت الضغط على الوسطاء”، بحسب عوض.
وأرجع تعنت تل أبيب إلى “موقف الإدارة الأمريكية (الحالية) المنحاز لإسرائيل”، وقال “هي أول إدارة في تاريخ الولايات المتحدة تجعل مصالح إسرائيل تسبق مصالحها الشخصية، وهو ما يشجع اسرائيل على رفض كل شيء والاستمرار في الحرب واستنفاد خيار القوة”.
وقال: “المستقبل إلى أين؟ إذا لم تتحرك الإدارة الأمريكية لفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة إسرائيل مستمرة في الحرب مهما يكن، رغم أنه خيار انتحاري لها إلا أنها تذهب إليه باعتباره أفضل لهم من التسوية”.
وقبل نحو 10 أيام، أعلنت “حماس” موافقتها على مقترح اتفاق قدمه الوسطاء لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار لمدة 60 يوما، ولكن إسرائيل تمتنع عن إعلان موقفها منه.
بل أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 20 أغسطس/ أب الجاري، أنه وجّه بتسريع تنفيذ خطة احتلال مدينة غزة، وسط تحذيرات دولية من أن تؤدي لتدمير القطاع بالكامل وزيادة معاناة الفلسطينيين وتهجيرهم.
مدير مركز القدس قال أيضا إن إسرائيل “تريد غزة للاستعمار والاستثمار بلا سكان، وهي تقول أن هذا ترجمة للرأي الأمريكي”.
وتابع: “فكرة التهجير والعودة لقطاع غزة للاستثمار والاستعمار هي من أهداف الحرب الحقيقية للتيار الحاكم في إسرائيل”.
ويرى عوض أن “هذه العقلية التي تحكم إسرائيل اليوم، ستستمر وستبقى إسرائيل عدوانية ومتوحشة ولا تريد تسوية، هي تريد تحييد قطاع غزة أمنيا وتهجر الفلسطينيين منه وتجعله مكانا غير قابل للحياة من أجل الاستيطان والاستثمار”.
“واضح أن عين إسرائيل على غزة لأن هناك الكثير من الثروات فيها وعلى رأسها الغاز والنفط”، أضاف الخبير الفلسطيني.
وتوقع عوض أن المستقبل “سيكون حافلا بالمجازر الإسرائيلية في غزة إذا لم يكن هناك كبح لها من قبل الإدارة الأمريكية أو طرف آخر أو تدخل رباني”.
وقال: “الحكومة الحالية لم تعد تفكر وعمليا هي حكومة أخرجت كل شياطينها ومستعدة أن تفعل ما تريد. لا يهمها صورتها في العالم ولا ملاحقتها القضائية ولا يهمها الأخلاق ما دامت الإدارة الأمريكية تدعمها”.
وأشار عوض، إلى أن “الإدارة الأمريكية الحالية متطرفة أكثر من إسرائيل، وبالتالي إسرائيل ذاهبة إلى الأمام معتقدة أنها كلما تقدمت حلت مشاكلها”.
وزاد: “قد تفعل إسرائيل ما لم تفعله حتى اللحظة”.
ويرى عوض أن “أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة كانوا أضعف من أن يطلبوا منها وقف الحرب على غزة، أو أن يطلبوا أي طلب حتى أضعف من أن يلبوا بصفقة للإفراج عن أسرى أو إدخال مساعدات”.
وقال “الولايات المتحدة لا تنظر بعين الاحترام للحلفاء، وتقول إن إسرائيل هي أقوى حلفائنا في المنطقة وإن توقفنا عن دعمها، الله سيتوقف عن دعمنا، هي علاقة روحانية بينهما”.
تابع عوض: “عمق مشكلة الفلسطيني أن لا ظهير له، لا أحد يساعده، ولا بواكي له”.
وفي هذا الإطار يرى أن المطلوب فلسطينيا اليوم هو “الصمود والبقاء والتوكل على الله، لأن إسرائيل لن تأخذ بعين الاعتبار أي شيء على المستوى الفلسطيني، لم يستطع العرب فرض مقترحاتهم، ولا الفلسطينيين استطاعوا أن يقدموا نموذج الحكم الرشيد، ولا شيء ينجح في التعامل مع إسرائيل”.
وقال: “إسرائيل جن جنونها وتضرب بعرض الحائط الضمير والأخلاق والحلفاء والأصدقاء، إلى درجة أن وزراءها يتحدثون اليوم عن إسرائيل الكبرى بما فيها الأردن لا يكترثون لأي معاهدة مع أي دولة عربية”.
وأضاف: “إسرائيل ترفض كل شيء وهي فقدت الاتجاه وتتورط يوما بعد يوم”.
مدير مركز القدس يرى أن “إسرائيل تريد تهيئة الجو والمنطقة إما لإعلان السيادة الكلية على الضفة الغربية أو أجزاء منها”.
وتابع: “تسعى إسرائيل أيضا إلى محاولة تعميم ما جرى في شمال الضفة وتحديدا في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس على أجزاء من الضفة”.
ويواصل الجيش الإسرائيلي منذ 21 يناير/ كانون الثاني الماضي، عملية عسكرية شمال الضفة بدأها بمدينة جنين ومخيمها، ثم توسعت لاحقا إلى مخيمي طولكرم ونور شمس.
وأضاف عوض: “ما تفعله إسرائيل في الضفة محاولة لتغييرها من خلال التعزيز الاستيطان وذروتها مخطط إي 1، الذي من شأنه تفكيك الضفة الغربية وتقسيمها إلى 3 أجزاء، وتغير شبكة الطرق كليا بما يخدم السيطرة والإخضاع للفلسطينيين وسرعة وقدرة المستعمر على الاستفادة من المكان والحيز كله”.
وقال عوض: “الاستيطان وتعزيز شبكة الطرق والتغير الجغرافي والديمغرافي وإسقاط التمثيل السياسي المتمثل بالسلطة هو تغير حقيقي للضفة”.
وفي 20 أغسطس/ آب الماضي، ذكرت صحيفة “هارتس” العبرية أن الحكومة الإسرائيلية صدقت بشكل نهائي على مخطط البناء الاستيطاني في منطقة “إي 1”.
“إي 1” مخطط استيطاني إسرائيلي يهدف إلى ربط القدس بعدد من المستوطنات الإسرائيلية الواقعة شرقها في الضفة الغربية مثل معاليه أدوميم، وذلك من خلال مصادرة أراض فلسطينية بالمنطقة وإنشاء مستوطنات جديدة، ويمنع أي توسع فلسطيني محتمل.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، ويقوض إمكانية تنفيذ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، وتدعو منذ عقود إلى وقفه دون جدوى.
ويبدو أن إعادة إحياء هذا المخطط الاستيطاني تأتي ردا على إعلان دول، بينها بريطانيا وفرنسا وأستراليا، اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول المقبل، وفق مراقبين.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل المدينة عام 1967، ولا بضمها إليها في 1980.