60% من الضفة نحو الضم والرئيس الفلسطيني ممنوع من السفر إلى الولايات المتحدة
تقرير يزن حمايل : تواصل إسرائيل خطواتها نحو فرض سيادتها على الضفة الغربية، إذ أعلن وزيرا الخارجية والشؤون الإستراتيجية جدعون ساعر ورون ديرمر لمستشارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأوسط، أن إسرائيل ماضية في ضم المناطق المصنفة “ج”، التي تشكل نحو 60% من أراضي الضفة الغربية. هذا التطور يهدد عمليًا أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات تواصل جغرافي.
الضفة الممزقة
منذ اتفاق أوسلو قُسِّمت الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق (أ، ب، ج):
• المناطق (أ): تمثل 18% من مساحة الضفة الغربية وتخضع رسميًا للسيادة الفلسطينية، لكنها تشهد اقتحامات عسكرية إسرائيلية شبه يومية.
• المناطق (ب): تشكل 22% من المساحة وتخضع لسيطرة مدنية فلسطينية محدودة، فيما تبقى السيطرة الأمنية لإسرائيل.
• المناطق (ج): وهي الأكبر وتشكل 60% من الضفة الغربية، تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة. يعيش فيها أكثر من 95 ألف فلسطيني يفتقرون إلى مقومات الحياة الأساسية، مقابل أكثر من 450 ألف مستوطن توفر لهم إسرائيل كافة التسهيلات والبنية التحتية، بل وتزوّدهم بالسلاح الذي يُستخدم في الاعتداء على الفلسطينيين وتهجيرهم.
تقطيع الضفة الغربية
ضم المناطق المصنفة “ج” يعني تقطيع أوصال الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة ومبعثرة جغرافيًا. وهو ما يتكامل مع سياسة إسرائيل القديمة المتمثلة في نشر أكثر من 900 حاجز وبوابة عسكرية، تجعل من التنقل بين المدن والقرى الفلسطينية عملية معقدة وشاقة، ما يعمّق العزل الجغرافي والاجتماعي. ومع تنفيذ قرار الضم، يتحول هذا العزل إلى واقع دائم، ويجعل المناطق الفلسطينية قطعًا جغرافية منفصلة ومترامية.
إلغاء تأشيرة الرئيس الفلسطيني وقادة منظمة التحرير
بالتوازي مع ذلك، ألغت الولايات المتحدة تأشيرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعددًا من قيادات منظمة التحرير، ومنعتهم من دخول أراضيها. ويُعد هذا القرار تصعيدًا سياسيًا خطيرًا يعكس مدى انسجام الموقف الأمريكي مع التوجهات الإسرائيلية الرامية إلى تهميش السلطة الفلسطينية وإنهاء أي دور سياسي لها. وجاء إلغاء التأشيرات لمنع مشاركة الرئيس والقيادات الفلسطينية في الاجتماع المقبل للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ردود الفعل الدولية
دوليًا، عبّر الاتحاد الأوروبي عن قلقه من الخطط الإسرائيلية، مؤكدًا أن أي ضم لأراضي الضفة الغربية يُعد خرقًا فاضحًا للقانون الدولي ولاتفاقيات جنيف. أما الأمم المتحدة فأكدت أن الضفة الغربية “أرض محتلة لا يجوز تغيير وضعها القانوني بالقوة”.
الأبعاد القانونية والإنسانية
يخالف مشروع الضم قرارات مجلس الأمن التي تؤكد عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، ويُعد خرقًا صريحًا للقانون الدولي. على الصعيد الإنساني، يعاني الفلسطينيون المقيمون في مناطق “ج” من حرمان مستمر من البنى التحتية، وقيود صارمة على البناء والحركة، فضلًا عن الاعتداءات اليومية للمستوطنين التي تتسبب في سقوط ضحايا وتهجير عشرات العائلات.
حلم الدولة يحتضر
كل هذه التطورات دفعت مراقبين للقول إن حلم الدولة الفلسطينية يلفظ أنفاسه الأخيرة. إسرائيل تمارس سياسة خنق السلطة الفلسطينية، سواء عبر قرصنة أموال المقاصة أو عبر محاصرتها سياسيًا ودبلوماسيًا، ما جعلها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه شعبها. وبينما تمضي إسرائيل في مخطط الضم، تقف السلطة الفلسطينية أمام أخطر تحدٍّ وجودي منذ نشأتها