زيارة رسمية إلى الفاتيكان: بلدية بيت لحم تطالب بالسلام والعدالة لشعبها
التقى رئيس بلدية بيت لحم الأستاذ ماهر نيقولا قنواتي، وعضو المجلس البلدي السيد هشام الكامل، بالبابا لاون الرابع عشر في الفاتيكان، يوم الأربعاء 24 أيلول 2025، في زيارة رسمية حملت رسالة معاناة وصمود أهالي بيت لحم، ومناشدة لوقف الحرب ومنح الناس بصيص أمل.
وفي تصريحاته لوسائل الإعلام الفاتيكانية، أوضح قنواتي أن أول رسالة وجهها بعد تسلمه رئاسة البلدية كانت لقداسة البابا، إيماناً منه بأن صوت الكرسي الرسولي قادر على إحداث فرق ودعم صمود أهل بيت لحم، مؤكداً: “أهم ما نحتاجه اليوم هو أن نمنح شعبنا الأمل.”
وأشار قنواتي إلى التحديات الكبيرة التي تواجه بيت لحم، حيث تقلصت مساحتها من 37 كيلومتراً مربعاً إلى 7.3 كيلومترات مربعة بفعل الجدار الفاصل والتوسع الاستيطاني، ما جعلها مدينة مطوقة من جميع الجهات. وقدم بالأدلة والخرائط شرحاً يوضح كيف يحيط الاستيطان بالمدينة ليحوّلها إلى مدينة محاصرة بالكامل، مؤكداً أن هذه التوسعات لم تصادر فقط الأراضي الزراعية، بل عطّلت أيضاً أي إمكانية للنمو العمراني أو الاقتصادي الطبيعي، الأمر الذي يهدد مستقبل الوجود الفلسطيني في المدينة.
وأوضح قنواتي أن الحرب التي اندلعت في 7 تشرين الأول 2023 أدت إلى الانهيار الكامل للقطاعين السياحي والاقتصادي في المدينة، حيث أغلقت جميع الفنادق والمتاجر الحرفية، وارتفعت نسبة البطالة من 14% إلى 65%، حتى باتت الكثير من العائلات عاجزة عن تأمين احتياجاتها اليومية. كما تفاقمت أزمة المياه، حيث تُجبر المدينة على شراء كميات لا تغطي سوى خمس الاحتياجات اليومية للفرد، فيما تبقى بعض الأحياء بلا مياه لأكثر من خمسين يوماً متواصلة. كما تطرق قنواتي إلى قضية إغلاق جسر الملك حسين، معتبراً أن هذا الإجراء يعني شللاً كاملاً للحركة وعزلاً تاماً للشعب الفلسطيني عن العالم. وأوضح أن أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية باتوا محبوسين داخلها، معزولين عن العالم الخارجي، فيما علق عشرات الآلاف في الأردن ودول أخرى غير قادرين على العودة إلى أهلهم وبيوتهم، وهو ما عمّق من معاناة الناس وفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية الصعبة.
وأكد قنواتي أن وقف الحرب يمثل الأولوية الأولى، مشدداً على أهمية إبقاء بيت لحم مفتوحة أمام جميع الزوار والحجاج من مختلف أنحاء العالم، وعدم السماح لأي جهة بالمساس بهذا الحق المقدس. كما أكد قنواتي خلال لقائه أن الاعتراف بدولة فلسطين هو حق مشروع للشعب الفلسطيني، مؤكداً أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم. كما دعا قداسة البابا إلى زيارة غزة وبيت لحم، للاطلاع عن قرب على حجم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون، ولتوجيه رسالة أمل ودعم تعزز صمودهم في وجه الظروف القاسية.
وطالب قنواتي البابا بدعم المؤسسات المحلية من جامعات، ومستشفيات، ومدارس، باعتبارها الركيزة الأساسية لصمود الشعب الفلسطيني. كما دعا العالم أجمع إلى التوجه نحو فلسطين، وبيت لحم بشكل خاص، لتعزيز السياحة التي تمثل عصب الحياة الاقتصادية للمدينة ودعامة بقاء أهلها في أرضهم.
وخلال اللقاء، قدّم قنواتي لقداسة البابا هدية رمزية هي نموذج عن كنيسة المهد، أقدم كنيسة قائمة على أقدم مجتمع مسيحي في العالم، وتحمل في سطحها قطعة من خشبها الأصلي الذي أُعيد ترميمه قبل سنوات، لكي يتذكر دوماً قداسة البابا مكانة بيت لحم كمهد المسيحية وعاصمة العالم المسيحي.
كما سلّم رسالتين خطيتين لقداسته باسم بلدية بيت لحم، حملتا المطالب الرئيسية التي عرضها خلال اللقاء والمتعلقة بوقف الحرب، والحفاظ على دور بيت لحم كوجهة مفتوحة للزوار والحجاج، وتعزيز صمود مؤسساتها ومواطنيها في مواجهة التحديات.
كما أوضح قنواتي أن الشعب الفلسطيني يشعر أنه يقاتل وحده من أجل الحرية، وطالب بأن يكون الكرسي الرسولي إلى جانبهم، مؤكداً أن تدخله ودعمه أمران مطلوبان وملحان، وأنه لا يجوز أن تُنسى بيت لحم وأهلها. كما دعا إلى عقد اجتماع أطول مع قداسته لمناقشة عمق التحديات التي تواجه المسيحية في فلسطين، وخصوصاً في مدينة بيت لحم، مشدداً على أن دعم البطريركية اللاتينية والإكليروس المحلي يمثل بارقة أمل حقيقية.
وختم قنواتي حديثه بالقول: “الأرض المقدسة بلا الحجارة الحية ليست سوى متحف، وما نحتاجه هو التضامن والأمل للحفاظ على الوجود الفلسطيني الأصيل.”
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.