برشلونة وإنتر ميامي يتسابقان على جوهرة المكسيك
اشتعلت المنافسة في سوق الانتقالات العالمي بين برشلونة الإسباني وإنتر ميامي الأمريكي على ضم النجم المكسيكي الصاعد جيلبرتو مورا، الذي خطف الأضواء في كأس العالم تحت 20 عاماً المقامة حالياً في تشيلي، بعدما قدّم عروضاً مذهلة جعلته أحد أبرز اكتشافات البطولة.
ففي غضون أربع مباريات فقط، تمكن الجناح الشاب من تسجيل ثلاثة أهداف وصناعة هدفين، ليصبح أحد أكثر اللاعبين تأثيراً في البطولة، وليفتح الباب أمام سباق محموم بين كبار أوروبا وأمريكا لخطف توقيعه.
ووفقاً لصحيفة “سبورت” الإسبانية، فإن مورا، الذي سيبلغ عامه السابع عشر الثلاثاء المقبل، يُعتبر أحد أكثر المواهب المثيرة في كرة القدم العالمية حالياً، إذ يجمع بين المهارة الفردية والذكاء التكتيكي والنضج الفني المبكر، وهي صفات جعلت برشلونة يضعه ضمن أولوياته المستقبلية، في الوقت الذي يتحرك فيه إنتر ميامي بقوة لاقتناصه مبكراً.
يتميز جيلبرتو مورا بقدرته على اللعب في أكثر من مركز هجومي، سواء كجناح أيمن أو أيسر، أو حتى في مركز صانع الألعاب المتقدم. يمتلك قدماً يمنى مذهلة، لكنه يجيد أيضاً استخدام اليسرى ببراعة، ما يمنحه مرونة كبيرة في التمركز والتسديد.
ورغم أن طوله لا يتجاوز 1.68 متراً، إلا أنه يعوض الجانب البدني بمهارات فردية خارقة وسرعة استثنائية في المراوغة والتحكم بالكرة تحت الضغط. كما يتمتع برؤية مميزة للملعب، وقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة في اللحظة المناسبة، وهي صفات نادراً ما تُرى في لاعب بهذا العمر.
أحد مدربيه السابقين وصفه قائلاً: “هو من النوع الذي يفكر قبل أن تصله الكرة، يقرأ الملعب مثل لاعب ناضج يبلغ من العمر ثلاثين عاما”.
برشلونة يراقب بصمت
يرى مسؤولو برشلونة في مورا نموذجاً مثالياً للاعب الذي يناسب فلسفة “البلوجرانا”. فأسلوبه القائم على اللعب القصير والتحرك بين الخطوط يجعله قريباً جداً من مدرسة النادي، وقد أدرجه قسم الكشافين بالفعل ضمن قائمة المواهب التي تندرج في خطط الفريق المستقبلية.
ومع ذلك، فإن الطريق إلى أوروبا ليس ممهداً أمام النجم المكسيكي الشاب، إذ لا يمكنه مغادرة المكسيك قبل أكتوبر 2026، حين يبلغ السن القانونية للانتقال الدولي (18 عاماً). وهذا يعني أن انتقاله الفعلي إلى أي نادٍ أوروبي لن يتم قبل يناير 2027 على أقرب تقدير.
ويرى برشلونة أن هذا التوقيت يصب في صالحه، إذ يمنحه فسحة زمنية لترتيب أوضاعه المالية التي لا تزال مقيدة بلوائح اللعب المالي النظيف، ما يسمح له بالتخطيط الهادئ دون ضغط السوق الحالي.
إنتر ميامي يدخل السباق
في الجهة المقابلة، يتحرك نادي إنتر ميامي الأمريكي بخطى واثقة نحو المستقبل بعد مرحلة “الجيل الذهبي” الذي ضمّ أسماء مثل ليونيل ميسي، سيرجيو بوسكيتس، وجوردي ألبا.
فمع اقتراب هؤلاء النجوم من نهاية مسيرتهم، يسعى النادي المملوك لديفيد بيكهام إلى تبني استراتيجية جديدة تقوم على استقطاب المواهب الشابة القادرة على حمل المشروع الرياضي في السنوات القادمة.
ويُنظر إلى مورا باعتباره قطعة أساسية في هذا التحول، خصوصاً أن السوق المكسيكية تُعد جزءاً مهماً من دائرة نفوذ الدوري الأمريكي (MLS)، سواء من الناحية التجارية أو الجماهيرية.
ومع ذلك، فإن إنتر ميامي، مثل برشلونة، سيكون عليه الانتظار حتى تشرين الأول/أكتوبر 2026، موعد بلوغ اللاعب السن القانونية للانتقال.
اهتمام عالمي ووكيلة شهيرة
من جانب آخر، تتولى إدارة أعمال مورا رافاييلا بيمينتا، الوكيلة البرازيلية المعروفة التي كانت الذراع اليمنى للراحل مينو رايولا.
وقد أكدت تقارير أن مكاتبها تتلقى اتصالات متكررة من أندية أوروبية كبرى، بينها مانشستر سيتي، آرسنال، ريال مدريد، وباريس سان جيرمان، وكلها تتابع اللاعب عن قرب استعداداً للتحرك في الوقت المناسب.
ورغم عدم وجود عرض رسمي حتى الآن، فإن ناديه تيخوانا المكسيكي بات يدرك أن رحيل اللاعب أصبح مسألة وقت فقط، وأن مستقبله سيكون في القارة العجوز، مهما اختلفت الوجهة النهائية.
نجم فوق عمره.. ومستقبل المكسيك
على أرض الملعب، يواصل مورا تقديم عروض تؤكد نضجه الفني المبكر. فمع منتخب المكسيك تحت 20 عاماً، قاد بلاده إلى ربع نهائي البطولة المقامة في تشيلي، حيث يواجه منتخب الأرجنتين الليلة في مواجهة مثيرة على ملعب سانتياجو الوطني.
ويُتوقع أن يكون مورا أحد أبرز مفاتيح الفوز في تلك المباراة، خاصة أنه يجمع بين التمرير الحاسم والتسديد الدقيق والتحرك الذكي بين الخطوط. والفريق الفائز من هذه المواجهة سيضرب موعداً في نصف النهائي مع المتأهل من مباراة إسبانيا وكولومبيا.
ورغم صغر سنه، فإن الاتحاد المكسيكي اختار استبعاده من المشاركة في كأس العالم تحت 17 عاماً المقرر إقامتها في قطر الشهر المقبل، وذلك لتفوق مستواه الواضح على تلك الفئة السنية، ولاتخاذه خطوة ثابتة نحو تمثيل المنتخب الأول بصورة دائمة.
من “إل تري” إلى العالمية
بالفعل، شارك مورا في كأس الذهبية الأخيرة مع المنتخب المكسيكي الأول تحت قيادة المدرب خافيير أجيري، وقدم لمحات فنية رائعة جعلت الجماهير ترى فيه رمز الجيل الجديد لكرة القدم المكسيكية.
ومن المتوقع أن يكون ضمن قائمة الـ26 لاعباً الذين سيمثلون المكسيك في كأس العالم 2026، التي ستُقام على أرضه إلى جانب الولايات المتحدة وكندا.
الجماهير المكسيكية تنظر إليه كأملٍ جديد يعيد أمجاد أساطير مثل هوجو سانشيز وتشيتشاريتو، بينما يرى النقاد أنه قد يصبح قريباً أحد أصغر اللاعبين في التاريخ الذين يشاركون في ثلاث بطولات عالمية في عام واحد: تحت 17 عاماً، تحت 20 عاماً، ومع المنتخب الأول في مونديال 2026.
مزيج من بيدري ولاميلا
يشبّهه كثيرون بالنجم الإسباني بيدري من حيث الذكاء الكروي والقدرة على اللعب بين الخطوط، بينما يرى آخرون فيه مزيجاً فنياً بين كوتينيو وإريك لاميلا في بداياتهما.
يجمع بين خفة الحركة والتمرير الدقيق والتفكير السريع، ويُعد من نوعية اللاعبين الذين يُبدعون تحت الضغط ويحوّلون المساحات الضيقة إلى فرص سحرية.
وكيلته بيمينتا تصفه بعبارة لافتة: “جيلبرتو مورا قادر على اللعب مع أبطال دوري الأبطال غداً، إنه جاهز اليوم وليس بعد خمس سنوات”.
كلماتها ليست مبالغة، بل انعكاس لنضجٍ فنيّ جعل الأضواء كلها تتجه نحوه. ومع اشتداد السباق بين برشلونة وإنتر ميامي، قد يكون العالم على موعد مع ميلاد نجمٍ جديد يحمل اسم المكسيك إلى قمة الكرة العالمية